×
محافظة مكة المكرمة

مصادر: 3 موظفين شاركوا في تزوير توقيع "فقيه"

صورة الخبر

أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم أن من يتلاعبون بأمن المجتمع المسلم إنما هم يقطعون شرايين الحياة عن الأجيال الحاضرة والآمال المرتقبة وهم يمتطون بوعي أو بغير وعي عدوهم المتربص بهم ليزيد سقمهم علة وطينهم بله . وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام " إن حياة بما فيها من حضارة ووفرة عيش ينقصها الأمن لهي حياة خداج وإن نوما بلا أمن لهو قلق وارق وإن عبادة تفتقر إلى الأمن لهي عبادة مشوشة يكثر الالتفات فيها لأن البشر في حاجة ملحة إلى أمن يتحقق بما عندهم من إيمان فإن من آمن امن ومن امن نما ولا حياة مستقرة دون توافر هذا الهرم". وأضاف يقول " الأمن مطلب الأمم فلا يزهد فيه إلا من كره الحياة الكريمة ولم يرض بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً كيف لا وهو المنة التي توجب على العباد شكر واهبها بعبادته على الوجه الذي يرضى به عنهم وأن لقمة يطعمها المرء لن يهنأ بها تحت وكزات الخوف والفرق وان عبادة تناوشها الخوف من كل جانب لن تكون كاملة مستقرة فما سميت صلاة الخوف بذلك ولا نقصت صفتها وعددها وشروطها وسننها إلا لداخلة الخوف وانسلاخ الأمن وانه لا أمن بلا إيمان ولا نماء بلا أمن وضمانات واقعية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية". وأردف قائلاً " الأمن ضرورة من ضرورات الحياة لاتقبل المزايدة ولا لي الذراع بل إن الأمن حد لا يحتمل التأويل ولا الفهم الخاطئ ولا الإهمال فالأمن ضرورة لا تتحقق إلا بتحقق حفظ الضرورات الخمس التي أجمعت عليها الديانات والملل وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل, مبيناً أن من يخل بالأمن كالذي يخرق سفينة المجتمع الماخرة وما على أهل السفينة إلا أن يقذفوا به خارجها حتى لاتغرق بهم جميعاً وأن المساومة على أمن المجتمع لا تقع إلا ضمن نسيج من الأعداء المتربصين به وان استعملوا في نفاذ اختلاله الأغرار من أبنائه والأجراء ممن لديهم مسكة عقل إن من يهز أمن المجتمع فإنما يهز أمن نفسه قبل كل شيء ثم أمن أمه وأبيه وأخته وأخيه وصاحبته وبنيه قبل أن يهز أمن المجتمع برمته كل ذلكم قد يكون من خلال الحاد فكري يعصف بالدين أو سفك دم يعصف بالرقاب المعصومة أو بجرعة مخدر أو شربة مسكر يغيبان العقل أو بسرقة مال أوأكله بالباطل لتطيش حقوق المجتمع الاقتصادية أو بهتك عرض وفعل فاحشة يضيع معها الشرف والكرامة". وأكد فضيلته أن من شذ مثل هذا الشذوذ فطال أهله ومجتمعه إنما يعرض نفسه لحتفه بالغاً مابلغ من العنفوان والشجاعة والمكر والخديعة والله خير الماكرين لذلكم صار في قتل مجرم واحد حياة هنيئة لأمة بأكملها / ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون / لافتا الانتباه إلى أن الشريعة الغراء جاءت بعقوبات صارمة من أجل الحفاظ على أمن المجتمع الذي لا يختص استحقاقه بأحد دون أحد فقطعت كل حبل يفضي إلى التهاون بتلك العقوبات أياً كان هذا التهاون سواء أكان في الاستحياء من تعيير حضارة الغرب لها أو في تنشيط الوسطاء في إلغائها أو تهميشها. وبين أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ولأ جل أن نعرف حقيقة الأمن وصورته فلا بد أن تكون هذه المعرفة متصفة بالشمولية وألا يضيق عطنها من خلال طرح مستهجن بقصر الأمن على الخلو من الجرائم الجنائية فحسب فإن مفهومه أعم من ذلكم بمراحل كما أن رجل الأمن ليس هو المسؤول عن الأمن فحسب إذ كل فرد من أفراد المجتمع المسلم يجب أن يكون رجل أمن . وشدد الشيخ الشريم على انه ينبغي علينا جميعاً معرفة شمولية مفهوم الأمن وأنه يشمل مراكز القوى في المجتمع المسلم الواحد وعلى رأسها الأمن الديني وذلك بالاستسلام لله بالدين والعمل على تحقيق مايرضيه بطاعته بما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع لأن الله جل وعلا قد قال " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةً أو يصيبهم عذاب أليم" ، فما حلت الفتن بمجتمع مسلم إلا وثمة خلل في علاقتهم مع ربهم بذنوب ارتكبوها أو واجبات تهاونوا بها فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. وأبان أن من مراكز الأمن الشمولي الأمن الغذائي وما يسمى بالأمن الصحي الوقائي إضافة إلى ما يتعلق بالضوابط الأمنية في مجالات التكافل الاجتماعي والعمل التطوعي وتهيئة فرص العمل والإنتاج المعيشي والقضاء على البطالة المثمرة والخلل والفوضى ودراسة الظواهر الأسرية وما يعتريها من ثقوب في بنائها لأن الأمن بين الزوجين سبب لأمن الأولاد ثم أمن العشيرة ثم أمن الأمة المؤلفة منهم جميعا وأن من مثل ذلك الأمن يتكون مزاج الأمة شريطة عدم إغفال ماهو أهم من تلك العوامل الذي يعد هاجساً ملحاً لكل مجتمع ألا وهو الأمن الفكري الذي يحمي عقول المجتمعات ويحفظها جميعاً من الوقوع في الفوضى الفكرية . ورأى أن خير ما يتوج به حفظ الأمن الفكري عنصران رئيسان أولهما الفكر التعليمي وثانيهما الأمن الإعلامي فكما أن للأموال لصوصاً فكذلك للعقول لصوص بل إن لصوص العقول أشد فتكاً وانكي جرحاً من لصوص الأموال فلا أمن إلا بسلام ولا سلام إلا بالاستسلام للواحد الأحد لاشريك له. وفي المدينة المنورة حذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير من حمل الضغائن والأحقاد في النفوس, والوقوع في شرّ الخصام والانتقام الذي يجلب العداوة ويذكي نار الفتنة في المجتمعات. وأكد فضيلته في خطبة الجمعة اليوم أن الودّ لا يسود بين قوم انطووا على الأحقاد, وأن من أمسك العداوة وتربّص الانتقام, عاش معذباً, وصار بالهم مكبلاً, وما أفسد العلائق بين الخلائق مثل الضغائن, فهي الحقد الكامن, والشر الكائن, تهدم المدائن, وتفقر الخزائن, وتمنع المقاربة, وتقطع المصاحبة, وتوقع المحاربة. ونبه إلى خطر حمل الضغائن على البلاد والعباد والأجيال, مبيناً أن شر التلاد وراثة الأحقاد, التي تُترع بها قلوب الأولاد, وتُغرس في صدور الأحفاد, وتبقى أمد الآماد. وقال الشيخ البدير : ومن كانت الضغينة رايته, والانتقام غايته, والتشفي عادته, خسف بدره, وسقط جدره, وصغر قدره, ومن ترك الأحقاد والضغائن عاش معافى, وجمع أحلافاً, وأكثر ألفافاً, وتجنب إجحافاً, وأمن إتلافاً". وذكّر بأهمية التسامح والحلم والسلام لتعيش المجتمعات في أمن وصفاء ووئام, مبيناً أن الحزازات والعداوات متى تسلطت على القلب اختلّ واعتلّ, فذهب صفاؤه, وعسر شفاءه, وطال بلاءه, وتعذر دواءه, وأن من الناس من إذا خالف هجر, وإذا خاصم فجر, فألصق بخصمه التهم, ونوى لهم النقم, وباشر الإيذاء, وصبّ العداء. واستشهد فضيلته بحديث بالوصية النافعة والوصية الجامعة في قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحبّ أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة, فلتأتيه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر, وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه" أخرجه مسلم . وقال الشيخ صلاح البدير فإذا أتى المرء ما يحبّ أن يؤتى إليه انتظمت بذلك الأمور وارتفع الخلاف والنفور, وزالت الضغائن من الصدور, داعياً المرء إلى ترك المشاحنة والعداوة, ومقابلة الجهل بالحلم والوقار, وعدم الانجرار إلى الاستفزاز والاستثارة, ممن يتمنون له السقوط والعثار, مستدلاً بقول الحق تبارك تعالى "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ". وأشار فضيلته إلى أن الإحسان للمسيء يدنيه, والملاطفة تثنيه, والمداراة تحتويه, وأن من طبائع الكرام العفو والصفح, والمنّ والإنعام, فلا يكظم الغيض ويعفو عن الجاني, ويحلم عن الجاهل, ويحتمل المكروه, إلا السيّد الوجيه, والحكيم النبيه, والعالم الفقيه, ولا يدوم الوئام مع الحنق والاحتدام, ولا يبقى الاحترام مع الغضب والاصطدام, ولا يكون السلام مع المقاتلة والانتقام, وأن من تطلب الانتقام ضاع زمانه, وتفرق إخوانه, وزجره أقرانه, وأن من كان بالوجه عابساً, وبالكف يابساً, وللعداوة لابساً, وللعفو حابساً, تعس وانتكس, وفي الخيبة ارتكس, وأن اللجاجة والفضاضة, وتعمد الإساءة والإغاضة, مسالك مستقبحة, توغر الصدور, وتهيج الغضب, وتعقب الحقد, وتقطع حبل المودة والوصال, داعياً إلى الحذر منها واجتنابها, لقوله عز وجل "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً ". وبين الشيخ البدير أن من الناس من إذا سعى إلى المناصب والمراتب, والعلو والدنو, والرئاسة والزعامة والصدارة, حارب الأٌقران, وضاغن الإخوان, وكره أن تذكر محاسنهم, أو تروى فضائلهم, وأحبّ أن تنشر معايبهم, وأن تظهر مثالبهم, فإن لم يجد مثلباً وبرهاناً, رماهم كذباً وبهتاناً, مبيناً أن هذا الخلق سوءة هان بها الرجال, وشابهوا بها الأنذال, وما ثلوا بها الأرذال, وسقطوا بها في أوحال الخسة والدناءة والضلال. وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي: "تنزهوا عن فعل الحساد, وذوي الأحفاد, وانتهوا عن الردى ولا تؤذوا من الخلق أحداً, وكفوا عن الشر لساناً ويداً".