دأبت منذ أن بدأت في كتابة عمود يومي على أن أقصره على الشأن المحلي، ولكن ما يحدث في مصر الآن جرني غصباً إلى أن أخرج عما تعودته لأنه سينعكس علينا وعلى المنطقة بشكل عام، ولا أحسب أنّ حافظ إبراهيم قد بالغ حين قال عن مصر: أنا إن قدّر الإله مماتي …. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي وما يحدث في مصر ليس معركة أو حرباً أهلية بين إسلاميين ولا إسلاميين ، بل بين أهل الأرياف وأهل المدن، وأهل المدن لا يقلون تديناً عن أهل الأرياف بدليل أن المساجد في المدن مليئة بالمصلين في كل الصلوات، إنها بكلمات أخرى معركة بين أميين ومتعلمين نسبياً، وأقول نسبياً لأنّ الطبقة الوسطى التي تشكل أغلبية سكان المدن لم تصل إلى الوعي الكامل الذي وصلت إليه نفس الطبقة في أوروبا بدليل أن جبهة الإنقاذ التي تمثلها الآن تتألف من حزباً، وهي أحزاب لا تختلف في الأيدولوجية أو الاتجاه بل تتألف من أشخاص ليس بينهم أية لحمة، وقد يتصارعون قريباً حين تجرى أية انتخابات، وهذا ما مكّن الأخوان المسلمين من الفوز في الانتخابات الماضية خاصة وأنهم منظمون وجماعة متماسكة لا تخرج عن طاعة المرشد العام وإرادته، ومع الأسف المعركة لم تحسم بعد، بدليل استمرار تواجد الأخوان المسلمين الذي أتى معظمهم من الأرياف في كل الميادين التي اختاروا أن يتجمعوا فيها، ولا أعتقد أنهم سيختفون من المشهد السياسي في المستقبل القريب الذي لا أستطيع أن أتنبأ به، وقصاراي أن أقول كان الله في عون مصر.