نشأ هذا الطفل وهو يرى السيارات اللامعة والبراقة أمامه دون أن يستطيع أن يركب إحداها. كان أقصى ما يستطيع أن يقوم به هو أن يلمس إحداها عندما يترجل سائقها منها ويدخل مطعما أو دكانا. يصوم عن الطعام ليوفر تذكرة حافلة تجعله يذهب إلى حي راق تتوزع في أرجائه السيارات الرياضية الفارهة. يتأملها وهي واقفة ويحلم بأن يقتني إحداها أو حتى يتسنى له ركوبها ولو للحظات. يتحدث إليها ناسيا أنها بكماء لا ترد ولا تعلق. رافقه ارتباطه بالسيارات الباهظة حتى في حلمه. كان ينام طويلا كي لا يستيقظ ويتذكر أنه غير قادر على معانقة هذه السيارات المثيرة في كلاسيكيتها ورشاقتها. عشقه لهذه السيارات جعله ينسى كل شيء آخر في حياته. توقف عن التحصيل الدراسي. أقلع عن التواصل مع أصدقائه. فشل والداه في إقناعه بأنه يذهب إلى الجحيم بقدميه إثر عدم مبالاته وانسياقه وراء مركبات جامدة مجردة من المشاعر والأحاسيس. كان يعلم، كلوز لوذي، أنه يدفن نفسه حيا. لكنه يدرك أنه لا يملك خيارا أمام ما يحب. الحب أعمى بصيرته. اقتاده إلى مصير مجهول. رغم كل السواد الذي يكتنف هذا الحب الذي يأتي من طرف واحد، إلا أن هناك لذة كان يشعر بها كلوز ولا يفهمها أحد سواه. هذه اللذة دفعته إلى رسم السيارات التي يحبها. لاحقا صار يضيف إليها عناصر جديدة. يتخيلها بشكل أفضل من التي يشاهدها الجميع. كان عاطلا ومنبوذا. بيد أنه أصبح يرسم لوحات جميلة للسيارات الرياضية حولته إلى فتى يثير أسئلة وإعجاب نزر يسير استطاعوا أن يشاهدوا تجاربه. ذات يوم نسي كلوز ورقة رسم عليها صورة سيارة متخيلة في مطعم. شاهدها الزبون الذي جاء بعده. سأله: هل أنت من رسمها؟ عندما أجابه بالإيجاب: طلب هذا الرجل عنوانه. ذهب الرجل إلى منزل والده في ظهر اليوم التالي. توسل إلى والده لأن يسمح لابنه بزيارة مقر سيارات "بي إم دبليو" التي يعمل شقيقه فيها. هناك عرفه على مدير وحدة التصميم الذي كان في انتظاره بعد أن أخبره زبون المطعم عن هذه الموهبة. التحق بعد فترة قصيرة كلوز بإحدى أهم شركات السيارات في العالم. بعد خمس سنوات صار أحد مصممي (بي إم دبليو). لم يعد كلوز مثلنا يركب أي سيارة. إنه يقود سيارة يصممها. فالقليل في العالم يفعلون ذلك. إن الطريق إلى حلمك يبدأ برسمه.