×
محافظة مكة المكرمة

الأرصاد: سحب رعدية ممطرة على الباحة وجازان

صورة الخبر

صدر الكادر الصحي الحالي للأطباء والممارسين الصحيين والكوادر الطبية الأخرى قبل ما يقارب خمس سنوات، وكان الهدف الأساسي من إعداده؛ هو الحفاظ على استمرارية القوى الصحية السعودية العاملة في المستشفيات الحكومية، والحد من تسربهم إلى القطاعات الخاصة أو الدول المجاورة، عبر إعداد كادر صحي مُلزم لجميع المرافق الصحية الحكومية، بالإضافة إلى مراعاة المتغيّرات في سوق العمل الطبي العالمي وإيجاد كادر نموذجي يلائم تطلعات أصحاب المهن الطبية والصحيّة وخلق بيئة عمل مريحة يشعرون فيها أنّ جهدهم مقدر ومرضٍ للحد الأدنى، مقارنة بما يقدمونه من خدمات إنسانية جليلة، معرضين حياتهم وحياة أسرهم للكثير من الأمراض والأوبئة والعدوى، ولأنهم آمنوا بسمو رسالتهم فقد سلكوا طريق هذه المهنة الشريفة رغم ما بها من مخاطر. كانت رواتب الكادر الصحي في السابق تتفاوت من مستشفى إلى آخر لنفس الطبيب المتخصص ولنفس الدرجة والعلم والخبرة، وما ينطبق على الأطباء ينطبق أيضاً على بقية الفئات في الكادر الصحّي، ولك أن تتخيل أن تكون أنت وزميلك الحاصل على نفس الشهادة ويملك نفس الخبرة في مكانين حكوميين ولكن براتب مختلف وامتيازات مختلفة غير التي أعطيت لزميلك. كانت أمور اجتهادية توضع في السابق بدون الاعتماد على معادلة مفهومة لاختلاف الرواتب، وحينما أقرت الدولة كادراً صحياً جديداً استبشر به الجميع، لكن عندما بدأ التطبيق ظهرت على السطح الكثير من النقاط والملاحظات الجديدة التي يجب مراجعتها وتصحيحها حتى يحقق الكادر الصحي هدفه المنشود. هدف الدولة هو مصلحة أبنائها بلا شك، ولأن الهدف نبيل والغاية منه مفهومة وواضحة والفائدة مرجوة، إذاً!، لماذا لا يعاد دراسة ذلك الكادر وملاحظة ما ظهر من مستجدات أو سلبيات عند تطبيقه؟!، المهم وباعتراف الجميع بل ومطالبتهم بإعادة دراسة ذلك الكادر وتحْديثه تبعاً للمستجدات. ولعلّّنا نسوق بعض الأمثلة عن الكادر الصحي الحالي والتي سببت الضجر للمعنيين بهذا الأمر، الكادر الصحي راعى فئة الأطباء ومن في حكمهم، ولم يأخذ في الاعتبار أو الحسبان فئات التمريض والفنيين، كما حدث في بدل السكن، فلماذا حُجب عنهم رغم حاجتهم الماسة له؟! نعم، الطبيب يستحق، لكن ابن وابنة الوطن من التمريض والفنيين يستحقون أيضاً، وقس على ذلك. نعود للكادر، وحتى رواتب الأطباء وباقي الكوادر الصحية ما زالت دون المستوى المطلوب في الوقت الحاضر، خصوصاً أنّ دراسة الكادر الحالي تمت في أعوام سابقة وعند وضع أرقام الرواتب لم يؤخذ بالحسبان زيادة الأسعار والغلاء الذي أصاب كل مفاصل الحياة. أتساءل.. وهل يعقل أن أمنح رواتب اليوم على أساس رواتب وضعت قبل خمسة أعوام؟!، وأين هدف الكادر من وضع حد لتسرب الصحيين إلى القطاع الخاص إذا أنا لم أحقق الهدف المنشود من وضع كادر صحّي؟! نعم أعلم جيداً! أنّ هناك علاوات سنوية، لكن ما زالت أقل ممّا يستحقه العاملون الذين كما أسلفت حياتهم ليست ملكاً لهم، والأدهى والأمر والذي تسبب في تسرب الكوادر الصحية، أن هناك جهات طبقت الكادر كما هو، وغيرها الباب واسع ولم يطبق الكادر أو طُبق جزئياً، لذلك خسرت تلك الجهات التي طبقت الكادر الكثير من كفاءاتها وأصبحت المستشفيات لا همّ لها إلاّ إنهاء إجراءات استقالات الكوادر الصحية بالعشرات. إذاً لا بد من إجراء مراجعة دقيقة للكادر الصحّي ولا ضير في ذلك، كل القرارات والأنظمة تراجع وتحدّث ويستفاد من الأخطاء وتعالج، أمّا أن يستمر الأمر كما هو عليه فلن يجدي ذلك نفعاً ولن يلبي طموح ولاة الأمر الذين يحرصون على تحقيق طموحات أبناء وبنات الوطن العاملين في القطاع الصحّي. ونختم بالقول إنّ حديثنا عن تداعيات الكادر الصحي مثل استمرار تسرب الكوادر الصحية، وعزوف الكثير عن العمل في القطاع الصحّي الحكومي، لهو جدير بمراجعة الكادر الصحي من قبل لجان متخصصة تشمل ضمن أعضائها ممثلين عن الأطباء، والتمريض، والفنيين، وخبراء إدارة وغيرهم لدراسة مواطن ضعف الكادر الصحي الحالي والعمل على تصحيحه بما يتناسب مع تطلعات العاملين في المنشآت الصحيّة وعمل مقارنة للرواتب، والبدلات، والميزات الوظيفية مع ما يقدم لهذه الفئات في الدول الأخرى، والوصول إلى سلم رواتب به أرقام موضوعة بطريقة عملية وواقعية، بدلاً من وضع أرقام أو رواتب لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات العمل مقابل أهمية القطاع الصحي، خصوصاً أنّ الدولة -رعاها الله- تبني المدن الطبية والمستشفيات بمبالغ طائلة، ولكن بالمقابل العنصر البشري السعودي فيها يحتاج إلى نظرة عادلة حتى يتواكب أداؤه مع مستوى المنشأة؛ لتكون بعد ذلك المعادلة متوازية ومتساوية ويتحقق بها الهدف في ترغيب أبنائنا وبناتنا للاستمرار بالعمل في مستشفياتنا الوطنية، والوصول إلى تطلعات القيادة وخدمة الوطن والمواطن.