تسمرت قارة آسيا أمام الشاشات وفي المدرجات لمشاهدة المباراة التي تعتبر من غرائب المباريات، لا منطق لتحليلها، ولا فهم لمجرياتها. سبقها جدل استثنائي غير مسبوق في تاريخ الرياضة في المملكة، دخل على خطه الفنان والداعية واللاعب والمثقف والناشط والمحامي، كل الخطوط اشتغلت. خسر الهلال المباراة ببساطة لأنه لم يسجل أهدافا، ولئن كنت متعاطفا مع الهلال كما يعلم الجميع غير أن النظرة إلى الأمور تتجاوز مفردة التشجيع لأدخل إلى التحليل. طرحت بعد الخسارة ومع المباراة وقبلها وأثناءها مجموعة من الأمور أختصرها بالآتي: السحر، الحكم، الحظ. هذه العبارات الثلاث هي خلاصة ما سمعناه من احتجاجات أو ملاحظات أو تلميحات. تحاول بعض العقول أن تصنع مخيالا أعلى للهزائم التي تحيط بها، حين انهارت الدولة العثمانية، وماتت الخلافة المريضة، وتغلغل الاستعمار وضعت كل أعباء الجوع والفقر والفاقة على القوى الاستعمارية، والإمبريالية الغربية، وقبل مدة طرح موضوع سحر نادي النصر من خلال قصة معيض والآن البعض يتحدث عن وجود جن في مرمى فريق سيدني الأسترالي يساعد الحارس، وأن السحر عمل مفعولا قويا بدليل أن هناك ارتطامات على العارضة وضياع لفرص محققة مثل فرصة ياسر القحطاني التي لم ينقصها أي شيء لتكون هدفا. القصة الأخرى هي الحكم، لنفترض أن الحكم مأجور وضمن مكاتب المراهنات كما هو مطروح، أقول هذا وأنا أقر بدور كبير للحكم في حرمان الهلال من ضربات جزاء عديدة، لكن لنفترض أنه كذلك، ماذا عن الهجمات العديدة التي بذرت؟ عن السرعة غير المنضبطة؟ عن التشتت الذهني والخوف والارتياب؟ ماذا عن نقص الإمكانيات في صناعة ألعاب من الوسط، أو غياب رأس الحربة المهاري الذي ينهي المباراة بلدغة؟ أما عن الحظ فهو موضوع ذهني، كل من يجتهد يصيب، بيد أن كرة القدم لا تعترف باللعب النظيف فقط ولا بمجرد المهارات، وإنما بالأهداف والنقاط المكتسبة. شكرا للهلال لقد منحنا فرصة لإدراك أخطاء ثقافية عديدة تنخر في المجتمع من دون أن يشعر. نقلا عن عكاظ