عنوان هذا المقال كان عنواناً لكتابٍ لطيف وجميل ومفيد للمؤرخ والأديب (السوري ثم السعودي) السفير خير الدين الزِّرِكلي رحمه الله تعالى، سردَ فيه ما رآه وسمعه من مواقف وأحداث في رحلاته متنقلاً مابين الشام ومصر إلى الحجاز (مكة والطائف) وقد أحببتُ هذا النوعَ من التأليف والكتابةِ التي يمتزج فيها - أحياناً - الأدبَ بالتاريخ بل والجغرافيا ! فكنتُ ولازلتُ أحرص على كتابةِ مذكراتي أو مشاهداتي وانطباعاتي في عددٍ من رَحلاتي لاسيما البعيدةِ منها؛ وفي ذلك من الفوائد للكاتب والقارئ فيما بعدُ الشئ الكثير. ففي هذه المذكرات أُسجّل مشاهداتي للأماكن والطبيعة وماتمتاز به هذه البلاد أو تلك من مميزات ومشاهد؛ وأكتبُ عن منْ لقيتُ من العلماء أو الأدباء وأكتبُ بعض أخبارهم أو مؤلفاتهم ؛ وأكتبُ عن المكتباتِ والكتب ومظان وجودهما؛ أكتب عن مواقف طريفةٍ أو غريبةٍ أو حزينة! وممّا كتبتُ قبل سنوات (الرحلةُ الجُهنيةُ في الدّيار الهندية) سجلتُ فيها رحلتي العلمية للهند . ومنْ اطلعَ على كتب الرحلات القديمة لاسيما رحلات الحج يجد فيها - كما يقولون - مسائل وفوائد في غير مظان وجودها! من مسائل فقهية أو أسماء علماء أو كتب نادرة وهكذا. وفي سفرتي هذه لبريطانيا - ولا أزالُ - خرجتُ بانطباعات متنوعة ومعلوماتٍ جديدة ومفيدة! فمِمّا رأيتُ : أن النظام والقانون هنا هو الحاكم وهو مصدرُ تقدمهم وتحضرهم وراحتهم! فكلُ تفاصيل حياتهم يُنظمها القانون والنظام؛ فلا يعتدي أحدٌ على أحد! ولاتحتاج لقضاء مصالحك لأحد! وأخبرني أحد الأصدقاء السعوديين هنا أنه أمضى أكثر من ثلاث سنواتٍ لم يحتج فيها أن يدخلَ دائرةً حكومية واحدة!! فجميع أمورك تُنجز عن طريق النت أو الهاتف !وماتحتاجُه يأتيك ولا تأتيه! ممارأيت: أن منظومة المواصلات من (قطارات وباصات وقطارات تحت الأرض) وفرّت لهم ولجميع طبقاتهم حياةً يوميةً سلسة ومُريحة ؛ تسير هذه الوسائل النظيفة والمريحة بانتظامٍ ودقةٍ متناهية ! حتى في أقصى القرى البعيدة تجدها هناك متوفرة؛ لذلك لاتكاد تجدُ زحاماً أو حوادث أو تلوثاً أو إزعاجاً ؛ واستغنى أكثر الشعب وفيهم أغنياء وعلماء بهذه الوسائل عن اقتناء سياراتٍ خاصة! مما سمعتُ ورأيتُ: أن الإسلام والمسلمين هنا بخير! فالإسلام هو الدين الرسمي الثاني وهو الدين الأول من حيث النشاط وازدياد دخول الناس فيه؛ فلايزال هذا الدين العظيم دين الفطرة شامخاً صامداً مع كثرة ما تعرّض له من تشويه من أعدائه وأبنائهِ على حدٍ سواء!! والقانون هنا يحكم الجميع؛ فلايُضارُ أحدٌ لدينه أو معتقده؛ لذلك تجدُ المساجدَ تنتشر وتُبنى في جميع أنحاء بريطانيا وبشكل كبير جداً؛ والدعوةُ إلى الله تسيرُ دون مضايقات أو تعقيدات أو طول إجراءات!! ممارأيتُ : أن البشاشةَ والذوق الرفيع والأدب في التعامل في الأسواق والباصات والشارع ؛ والنظافة المتناهية في الحدائق والمرافق ودورات المياة في الطرق والمحطات (دون وجود شركات نظافة وعَمَالة )أن ذلك كلَّه وغيره كثير: ثقافةٌ جميلة تأصلّت وترسخت في شخصياتهم منذ طفولتهم وتعلموها في مدارسهم ومناهجهم؛ وهي تسري على الجميع وتجدها في الجميع! والله إنها لمعانٍ وأخلاق نحنُ أحقُ بها وأهلها ! ولكن أين الخلل وهل من علاج؟! fhdg1423@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (67) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain