×
محافظة المنطقة الشرقية

سمو وزير الخارجية يستقبل نظيره التركي

صورة الخبر

يمكننا بسهولة مُلاحظة أن الأعمال التي ينتجها المشاهير تحظى دائماً بقبول أكبر من قبول تلك التي يبدعها الأشخاص المغمورون، حتى لو كانت هذه الأخيرة أفضل وأكثر جودة وقيمة، وأن أعمال القدماء تنال من التقدير أكثر مما تناله أعمال المعاصرين حتى لو رجح ميزان القيمة لصالح أعمال المعاصرين. وفي مجال الشعر يشكو كثير من المبدعين الشباب من تجاهل قصائدهم وعدم الحرص على نشرها أو تداولها في مُقابل الحرص الشديد على نشر قصائد متواضعة ينظمها شعراء معروفون أو قُدامى، ويُعللون حدوث هذا الأمر بانعدام الذوق وغياب الإنصاف لدى كثير من المتلقين والنُقاد..! والحقيقة أن تأمل هذا الموضوع يكشف أن هناك أسبابًا أخرى تجعل المتلقي يتفاعل مع العمل الأقل جودة ويقل تفاعله مع العمل الأفضل والأكثر جمالاً، ومعظمنا يتذكر أحد أهم الأسباب وهو التعصب لشعراء مرحلة زمنية على حساب مرحلة زمنية أخرى، ويتذكر قصة ابن الأعرابي الذي استحسن قصيدة أبي تمام حين نُسبت لأحد الأعراب وأمر بكتابتها، وعندما قيل له: "إنها لأبي تمام، قال لكاتبه: خرِّق خرِّق"، وكذلك قصة الأصمعي الذي أبدى إعجابه ببيتين نسبهما إسحاق الموصلي لبعض الأعراب قائلاً: "هذا والله هو الديباج الخسرواني"، وعندما أخبره الموصلي بأنهما من نظمه تراجع الأصمعي عن إعجابه ورأيه فيهما وقال: "والله إنّ آثار الصنعة والتكلف بيّن عليهما"..! ويرى الدكتور السيد إبراهيم وجود جانب آخر أدى لاختلاف التلقي في الحادثتين السابقتين غير التعصب والانحياز للقديم، ويتعلق هذا الجانب بأفق التوقع وأن المتلقي إذا استقبل "القصيدة أو الشعر على أنه لفلان من الشعراء، فإنه بذلك يتهيأ نفسياً وعقلياً لتلقيه تلقياً مخصوصاً يتلاءم مع خبراته السابقة بشعر هذا الشاعر"، وقد أكد الدكتور عبد الفتاح كيليطو على هذه المسألة في حديثه عن فنٍ نثري هو (النوادر)، وذكر أن "للاسم قوة سحرية تتحكم في موقف المتلقي"، و"أن حرارة النادرة أو برودتها نتيجتان لاختيار الشخص الذي نسبت إليه"، ويضيف: "عندما يتعلق الأمر باسم رجل مرح، فإن المعاني التي ترتبط به ستقفز مباشرة. وسيرتسم أفق مألوف يحصر الانتباه في حدوده ويخلق مقدمًا حالة تقبّل لمحتوى النادرة التي ستتخذ بفعل ذلك قيمة كبرى. أما عندما يتعلق الأمر ببغيض، فإن المتلقي سينزعج، أو بالأحرى فإنه سيتهيأ تهيؤا سيئًا سيجعله يتقبل النادرة ببرودة ويبخس قيمتها. وهذا مهما كانت الخصائص التي تتمتع بها بحد ذاتها". ومما يؤكد على أن للأسماء سحرًا يُهيئ المتلقي ويؤثر في مستوى قبوله للنص أن كثير من القصائد الرائعة لا تُعرف ولا تحظى بالقبول والتداول بين الناس إلا بعد أن تُنسب لشاعر مشهور سواء أكانت نسبتها إليه بطريق الخطأ أو العمد، كما أن بعض القصائد المتواضعة نالت شهرة واسعة لمجرد أن قائلها شاعر مشهور، ولكن بريق اسم قائلها أعمى عن رؤية جوانب الضعف والقصور فيها. أخيرًا يقول مشعل بن فالح الذيابي: أتابع أخبارك من بعيد لبعيد وأمر بيتك بين حزّه وحزّه رحتي لغيري مير يا تلعة الجيد عيّت تروح من الخفوق المعزّه