×
محافظة المنطقة الشرقية

مجوهرات «SOLO FINE» تطرح تشكيلة السهم الماسية

صورة الخبر

بدعوة كريمة من إدارة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة، شاركت في ملتقى السرد بدورته الـ 13 تحت عنوان «الرواية العربية في المهجر». جاء العنوان عريضا، وهو ما جعلني أعود إلى تاريخية مصطلح «أدب المهجر» من خلال دراستنا الجامعية لعدد من الشخصيات الأدبية التي وجدت فيه الملاذ والفضاء لحرية الكتابة والإبداع. من الأسماء المشاركة في الملتقى، الناقد العربي سعيد يقطين الذي تتلمذت شخصيا على كتبه ومصطلحاته النقدية التي أغنت الساحة الثقافية العربية، وأسست لنقد حداثي مهم، وقدّم ورقة بعنوان «الرواية العربية بين المركزية والتهميش»، مؤسسا لمفهوم جديد «الفضاء الثالث»، شارحا إياه بأنه فضاء الهجرة، باعتباره الفضاء الذي يلتقي فيه «فضاء الانتماء» و»فضاء الإقامة»، مبينا تعدد العلاقات التي يقيمها المبدع مع هذا الفضاء الثالث، حسب أنواع العلاقات الممكنة وتختلف حسب المنظورات التي يحملها. فالمسافر- والحديث ليقطين - أو الرحالة الذي انتقل إلى هذا الفضاء عابرا، ليست علاقته به مثل التي يقيمها المهاجر المقيم، بسبب النفي، أو الهجرة القسرية، والتي لا أحد قادرا على تحديد نهايتها، أو الذي ولد في المهجر من أبوين ينتميان إلى فضاء غير فضاء الإقامة، حيث تظل علاقته بفضاء أبويه قائمة من خلال اللغة والثقافة والذاكرة إلى جانب الفضاء الذي تشكّل فيه وعيه ومتخيله. ولهذا، وعند تعرض يقطين لأدب المهجر الأول في بدايات القرن العشرين، لم يجد فيه من صفة الهجرة سوى أن منتجيه كانوا خارج أوطانهم، وأن صفة الهجرة لم تكن تمس بصورة خاصة إبداعهم، حيث ظل شعراء المهجر متصلين بثقافتهم الأصلية . ليقدم يقطين تصور «المهجر اللغوي» عبر نماذج من الرواية المغاربية المكتوبة بالفرنسية، حيث اضطر عدد من كتابها للكتابة بلغة غير اللغة الرسمية في أوطانهم بسبب عدم تمكنهم منها لظروف التعليم المحكوم بثقافة المستعمر الفرنسي، ذاكرا أن هذه الأعمال وجدت الاهتمام الكبير لدى متلقي الفرنسية أكثر من المتلقي العربي بعد ترجمتها للعربية، بمعنى أنها حظيت بمركزية التلقي في المهجر والتهميش في الوطن الأم، دون إسقاط فكرة الكتابة باللغة الأجنبية لتوسيع دائرة القراء والتلقي أو نيل حظوة عالمية. من خلال ما جاء في ورقة يقطين، كنت قد طرحت قبلها في ورقة العمل التي قدمتها في الملتقى السؤال التالي: هل لا يزال مصطلح «أدب المهجر» صالحا للتداول ومناسبا للتجارب الروائية العربية الحديثة هناك؟ المتابع لمسيرة الرواية العربيـة في المهجر، يجد أنها تشكّل معها وعي جديد بفضل التجاور الأدبي بين أجيال عدة في حقبة واحدة وثقافات عدة، حيث تشكلت تجارب روائية متخذة طرقا مختلفة في التعبير عن مقاصد الكتابة الروائية عند كتّابها، توزعت أنمـاط الرواية فيها على عدة نماذج سردية، ركزت على معـادلين في التطبيق: - معادل مكاني، يشهد السرد‏ فيه استقطاعه من ذاكرة الماضي، بما يجعله يجتر أحداثا وشخصيات تعيد إنتاجها في فضائه الروائي في المهجر . - معـادل ذاتي، وذلك عبر الشخـصيات المحركة للحدث، والمدركة للمكان باختـلاف جغرافيته وثقافته، و نوعية موقع السارد هنا، لاسيما التي تعتمد على تقنيات البوح أو المونولوج أو الاعترافات. أمام المشهد الروائي العربي في المهجر، هناك ثلاثة أنواع من روايات المهجر أو «الفضاء الثالث» بحسب مفهوم يقطين: 1- أعمال روائية كتبت في المهجر، وقد هاجرت معها ثقافة ولغة المكان الأول، فلم تعد سوى محاولة لرؤيته في صورة أخرى، وهو ما رصدته في روايات «فهرس» لسنان أنطون، «كاليسكا» لناصر الظفيري و»بروكلين هايتس» لميرال الطحاوي . 2- أعمال كتبت بلغة المهجر، بحضور ثقافة الوطن لكونه يطغى بلغته ضمن ثقافته، طبيعته ، كرواية «خارطة الحب» لأهداف سويف. باختلاف واضح عن الفرانكوفونيين الطاهر بنجلون وأمين معلوف، لكون اللغة لديهما وسيلة العالمية، أو كما يسميه كراهام هوكن بـ «التسليع العالمي للاختلاف الثقافي»، بمعنى ترويج فكرة خطاب الاستشراق. 3- أعمال هاجر السرد بدوره إلى هناك بلغته الأصلية- العربية- محاولا سرد حياة المهجّرين/‏ المنفيين، كرواية «حب في المنفى» لبهاء طاهر، أو سبر محدود لمشهد اللاجئين الحياتي هناك كرواية «طابق 99» لجنى الحسن و»الماس ونساء» للينا هويان الحسن. ولعل التنويع هنا جاء بحسب حضور المكان الأول سرديا في العمل الروائي. وهو ما يمكن تتبعه في مقالات مقبلة. * كاتب وناقد كويتي bo_salem72@