«عاشوراء».. يوم حث النبي الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ على صيامه، فعندما قدم النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ المدينة، رأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: (ما هذا؟)، قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: (فأنا أحق بموسى منكم)، فصامه وأمر بصيامه.. كما جاء في حديث عبدالله ابن عباس ــ رضي الله عنهما. وصيام «عاشوراء».. يعد من التدرج الحكيم في تشريع «الصيام» وفرضه، فعندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة جعل الصيام ثلاثة أيام كل شهر ويوم عاشوراء، ثم فرض الله صيام رمضان في قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام)، فانتقل الفرض من صيام عاشوراء إلى صيام رمضان. وحول فضل صيام «عاشوراء»، يتحدث عدد من العلماء والدعاة عن ذلك، والذين أشاروا إلى رمزيته وقيمته لدى المسلمين، ففي الوقت الذي اعتبره مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ تاريخا له أهميته بالنسبة للمسلمين وله فضيلته، فإن عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع دعا المسلمين للحرص على صيام عاشوراء، والتقيد بتوجيهات رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بصيام يوم قبله أو يوم بعده أو صيام يوم قبله ويوم بعده. إلى ذلك، حذر عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الدكتور عبدالعزيز بن فوزان الفوزان من المخالفات التي تحصل في يوم عاشوراء وعدم تخصيص هذا اليوم بمزيد عمل أو فعل ما ينافي السنة النبوية. أما الدكتور عبدالمجيد الدهيشي، فيؤكد أن يوم عاشوراء اختص بفضيلة لم يفقه فيها إلا يوم عرفة المبارك، وقد كان النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يراعي هذا الفضل ويعنى به؛ فعن ابن عباس قال: «ما رأيت النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يتحرى صيام يوم فضله على غيره، إلا هذا اليوم؛ يوم عاشوراء، وهذا الشهر»؛ يعني: شهر رمضان، ومعنى يتحرى؛ أي: يقصد صومه؛ لتحصيل ثوابه والرغبة فيه، وقد بين لنا النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ فضل صيام يوم عاشوراء، فقال: (صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله). على صعيد متصل، أكد عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ على عدة أمور لتعظيم ذلك اليوم؛ منها: مع تعظيم المشركين له فإن ذلك لم يثن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ عن صيامه وإنما أمر بمخالفتهم، وجعل صيامه يكفر سنة ماضية، وهذا يمنح الأجر للمسلم ويكفر الله عنه الخطايا التي ارتكبها خلال السنة الماضية، وأن الله تعالى بفضله جعل للمسلم عند استقباله العام الجديد ما يكفر به ذنوبه. وأوضح أن ذلك اليوم يوم نصر الله ــ عز وجل ــ فيه موسى وانتصر للحق على الباطل، ويمثل تفاؤلا للمسلمين عند صيامه بأن الحق لا محالة منتصر، وأن جميع الأمور بيد الله تعالى، فالمسلم يتفاءل عند صيامه بالنصر من ربه تعالى. من جانبه، دعا المدرس بالمسجد النبوي وعضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية الدكتور عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر إلى تأمل قصة نبي الله موسى ــ عليه السلام ــ مع فرعون، وما فيها من العبر البالغة، كيف كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل خوفا من موسى فتربى موسى في بيته تحت حجر امرأته، وكيف قابل موسى هذا الجبار العنيد مصرحا معلنا بالحق، هاتفا بالتوحيد». وأوضح عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور غازي بن غزاي المطيري، فبين أن هناك من المسلمين من حرف المعنى التوحيدي الخالص لذلك اليوم، ونقله من يوم الوحدة بين الرسل وبيان محاسن الإسلام إلى يوم يفيض دما وحقدا بين الأمة الإسلامية، فجعل من هذا اليوم بدلا من أن يكون يوم طاعة لله نقلوه لأن يكون يوم حزن وتعبئة للجماهير بالبغضاء، فكأنهم بذلك يعيدون عقارب التاريخ ويجلدون الذوات ويعاقبون الملايين بحادثة ليس مسؤولا عنها الأجيال الحاضرة ولا الماضية ولا القادمة.