يحسب لوزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة أنه ظهر وتحدث للرأي العام عن قضية الطفلة رهام، معترفاً بالخطأ الكارثي. هذا لا يعفي من تحمل مسؤولية الخطأ والأخطاء الأخرى، لكنها مقارنة بمسؤولين آخرين لا يظهرون إطلاقاً في أزمات هم معنيون بها بل، إن هذه الأزمات تبقى ليتم التكيف معها، أما إذا ظهر بعضهم، فيجري ترتيب الظهور باختيار كل أطرافه من عينة لا تشبه سوى المايكروفون. لاحظت أن المسؤول الذي يتحاشى الإعلام يبقى في الحفظ والصون حتى لو كان جالساً على قلوب عشرات الملفات والبشر. كما لا أظن أن هناك من يتعمد الأخطاء، ولنا في الموظف الصغير الذي أخطأ في وضع كيس الدم وكلامه المنشور خير دليل على أحوال الإدارة الصحية، شاب مسكين، أراه ضحية هو الآخر لسوء إدارة وإشراف من يديره، انظر إلى هذا الواقع، أهم مفصل في «نقل الدم» كان تحت يد موظف صغير، غاب خمسة من زملائه بحسب قوله. تعمد الخطأ غير وارد في تقديري، لكنّ هناك فساداً يؤدي إلى أخطاء كارثية، وهناك سوء إدارة وإهمال يؤديان إلى أخطاء أفدح، والسكوت عنها أو المداورة حولها شراكة فيها، هنا فتش عن حسن الاختيار، فهو حسن يحتاج إلى فراسة لا زمالة أو صداقة. أعلم أن صوت العقل لا سوق له، لكن «السوق» ليس الهدف بل تحري العدل والإصلاح، ولو كنا نستفيد من أخطائنا لما وصلنا إلى هكذا حال في الصحة وغيرها. ما يجب على وزير الصحة الآن أن يبحث ويصلح جذور الأخطاء، لعله يسأل نفسه هل الوظيفة القيادية في الصحة خصصت لشهادة الطب مع نقص في هذه الشريحة المهمة في مجال خدمتها الأصلي!؟ ثم لماذا لا تخفف الصحة من أعبائها، كم من ملف تستطيع الوزارة التخلص منه وأجهزة أخرى هي أقرب لتحمله، أمور كثيرة على الوزير البحث عن حلول لها، أهمها حقوق المرضى في الخدمة المحترمة للمريض وأصول الطب مع الحفاظ على الكرامة، وعليه ألا ينسى الطفلة رهام إذا نسيها الإعلام. * نقلا عن "الحياة" اللندنية ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.