استطاع عدد من شباب منطقة جازان أن يواكبوا نهضة المنطقة التنموية التي تهرول مسرعة نحو التطور والنمو في مختلف المجالات، من خلال استثمار طاقاتهم البشرية في بيئات عمل متنوعة كانت حبيسة الفكر، ليثمر عنها -بفضل الله تعالى- تحقيق 151 مشروعًا تمارس حالياً نشاطاتها التجارية في مختلف المحافظات. وانطلق الشاب محمد عبيري من إحدى البسطات المتواضعة لبيع منتجات غذائية متنوعة كان يحصل عليها عن طريق الاستدانة من بعض المحلات المتخصّصة في ذلك المجال لبيعها بالتجزئة في مناطق الحركة السكانية بمدينة جيزان، قد طوّر نشاطه من خلال الجد والمثابرة إلى محل تجاري لبيع البطاطا المشوية على الطريقة الجازانية ما جذب لمحله العديد من الزبائن. وقدم الشاب عبيري وصفة لنظرائه الشباب من أجل تحقيق النجاح في العمل الاستثماري، أرجعها في البداية إلى التوكل على الله عز وجل، ثم الإيمان الكامل بقدرة الإنسان في إدارة ذاته ومجابهة صعوبات الحياة المالية، والاجتماعية التي تستعيب على أبنائها الوقوف خلف طاولات البيع المتنقلة، مع التحلي بالصبر، والتخطيط الجيد، ومتابعة سير العمل، معبرًا عن اعتزازه بنفسه اليوم وهو يقف وسط محله الذي يعجّ بالزبائن ويدر عليه -بفضل الله تعالى- دخلاً ملائمًا من المال لم يكن يتوقعه. ولم تكن تلك التجربة هي الوحيدة من نوعها في عالم استثمار شباب جازان، فقد برز الشاب هيثم بكري الذي يقف في مطعمه الشهير لبيع الدجاج المقلي المعروف بـ«البروست» في إحدى شوارع جيزان الرئيسة، ليدوّن طلبات زبائنه في الوقت الذي تواصل العمالة فيه تجهيز الوجبات في حركة دؤوبة، يصفها بكري بأنها حركة النجاح لأفكار رفضت أن تبقى حبيسة العقول. وفي إحدى ورش صيانة السيارات بصناعية جازان، يدنو الشاب إياد حسن من إحدى السيارات الفارهة لصيانتها من عطب تعرضت له، إذ يخوض تجربة عملية كانت حصيلة خبرة امتدت سبع سنوات بعد تخرجه من قسم ميكانيكا السيارات بالكلية التقنية بجازان، حيث تمكن من دمج تعليمه بالإرادة من أجل الدخول لعالم ميكانيكا السيارات، ليتحقق حلمه في تملك ورشة يديرها ويشرف على أعمالها بنفسه. وأرجع إياد الفضل -بعد الله عز وجل- في تحقيق حلمه إلى معهد ريادة الأعمال الوطني في جازان، الذي التحق بدوراته التدريبية لتأهيله في مجال تخصصه بعد التخرج. أما الشاب محمد الأمير، فقد دخل عالم الأعمال، حينما وجد ضالته في معهد ريادة الأعمال بجازان، الذي قدّم له حلاً مثاليًا لتمويل مشروعه في مجال الدعاية والإعلان، ليمارس عمله كمتخصّص في تصميم اللوحات الإعلانية، والبطاقات الفاخرة، والهدايا الرمزية. واستطاع الأمير بما امتلكه -بفضل الله- من علم وموهبة، وبما أتيح له من تمويل مادي، أن يحول بضعة أمتار كانت انطلاقة حلمه إلى محل متكامل يمارس من خلاله أعمال الدعاية والإعلان في سوق يوصف بالسوق الرائج والمثمر في ظل ما تشهده منطقة جازان من مهرجانات وفعاليات على مدار العام. وتنوعت طموحات شباب جازان الاستثمارية، إذ استطاع الشاب على حسن الذروي الدارس في مجال السفر والسياحة، افتتاح مشروعه الاستثماري الأول بعد أن حصل على تمويل معهد الريادة، وهو عبارة عن مركز متخصص للعناية بالرجل من خلال حمامات البخار المعروفة بـ«السونا» في مركز «ظبية» الواقع بالقرب من محافظة صبيا، بينما وصف الشاب فيصل علي عبده مشروعه الخاص بالدعاية والإعلان بالناجح استثمارياً، مما استدعاه أن يفكر في التوسع في مجاله، حيث يطمح في افتتاح مشروعه الكبير «المطبعة». وأتاح افتتاح فرع معهد ريادة الأعمال الوطني بمنطقة جازان وشريكه الاستراتيجي البنك السعودي للتسليف والادخار فرصة التميّز لشباب جازان من خلال دعم أفكار مشروعاتهم القابلة للتطبيق على أرض الواقع والمثمرة في الوقت ذاته، وتمويلها بالتعاون مع البنك. ووفقاً لمدير فرع ريادة بالمنطقة سعود البقمي، فإن المعهد قد أسهم خلال السنوات الخمس الماضية من افتتاحه في التمويل الفعلي لـ«151» مشروعا لشباب جازان تمارس حالياً نشاطاتها التجارية في مختلف المحافظات بقيمة بلغت 33,593,065 ريالاً. وبيّن البقمي أن المشروعات المفتتحة لشباب الأعمال شملت 18 مشروعاً في مجال ورش ميكانيكا السيارات، و13 مشروعاً في مجال مواد البناء والإنشاءات، و13 مشروعاً لمستودعات غذائية، و12 مشروعاً لمحلات الحاسب الآلي، إلى جانب مشروعات أخرى في مجالات الخياطة الرجالية، وأدوات رحلات الصيد، والحرف اليدوية، والإكسسوارات والعطور، والكوفي نت، والتمور، والدعاية والإعلان.