.. في بداية شهر ذي الحجة 1435هـ مرت الذكرى الرابعة لوفاة الدكتور محمد عبده يماني ، لـم أفقده وحدي ولكن فقدته مكة المكرمة وجدة والرياض والمملكة كلها. على المستوى الشخصي كان لا يكاد يمر أسبوع إلا ويتصل بي ثلاثا أو أربع مرات، وله علي منة ليس هنا محل ذكرها لا أنساها له رحمه الله. وكان صديقا للصغار والكبار .. فمن أصدقائه الكبار كان الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله ، كان يرتاح له جدا ولا يكاد يخرج في رحلة قنص إلا دعاه لمرافقته، مع أنه رحمه الله ليس من أهل القنص ولا علم له بالبادية وتقاليدها. وكان دائما ساعيا في حاجات من لا يستطيع إبلاغ حاجته إلى المسؤولين وذوي الوجاهات وأهل السعة في المال. ومع تقدمه إلى سن السبعين فقد كان لا يترك واجبا في جدة أو مكة المكرمة من فرح أو عزاء إلا حضر مهنئا أو مواسيا. وكان بلل الله تربته بالرحمات بشوشا ظريفا حاضرا النكتة، وهناك طرائف عديدة يرويها المخالطون له. وكان عضوا في كثير من المؤسسات والجمعيات الخيرية حريصا على تغطية نواقصها بما تحتاجه من مال أو تسهيلات. أما في الثقافة فقد ضرب بسهم وافر .. فقد كان ينشر في مجلة «اقرأ» قبل ثلاثين سنة مقالا أسبوعيا بعنوان (للعقلاء فقط ). وألف في القصة والرواية بضعة أعمال .. وبما أنه خبير جيولوجي فإنه قد ألف كذلك في علم الجيولوجيا كتابا أو أكثر . وله رواية باللغة الإنجليزية حاول أن يجعل منها فيلما يشرح فيه من خلال الحبكة الدرامية الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين. وكان هو الأمين العام لمؤسسة اقرأ الخيرية التي ساهمت في مساعدة الآلاف من الطلاب على الدراسة الجامعية في الخارج. كما كان مسؤولا مهما في جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة ووقف معها ودافع عنها وعن العاملين فيها بكل ما استطاع. ولا شك أنه شكل مع سعادة الشيخ صالح كامل رجل الأعمال الكبير ثنائيا لعمل المعروف وبذل الأموال في مساعدة مشروعات كثيرة داخل المملكة وخارجها. ولما مات محمد عبده فقد الناس مثالا للرجل الداعية المثقفة الكاتب المصلح الجواد الخيـر الذي لم يحل محله أحد ولم يملأ الثغرة التي فتحت بفقده أحد إلى عامنا هذا. تقبله الله في الصالحين وأخلفه علينا بخلف صالح وأسكنه فسيح جناته. السطــر الأخــير : ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء