×
محافظة المنطقة الشرقية

سفارة المملكة في جاكرتا تحتفي باليوم الوطني

صورة الخبر

نشرت "الرياض الاقتصادي" الاسبوع الماضي خبرا اعتقدت انه لن يمر مرور الكرام دون استدراك من الجهة المعنية. يقول الخير" وفرت مصلحة الزكاة والدخل لخزينة الدولة 776,06 مليار ريال خلال العام المالي 32/1433ه جاء تحصيلاً لضرائب شركات البترول، وزكاة عروض التجارة وضرائب الاستقطاع والغرامات. واعتبر التقرير السنوي للمصلحة عن العام المالي 33/1434ه، هذا الرقم عاليا ومتنامياً مؤكداً إيداعه في حساب الإيرادات العامة للدولة لدى مؤسسة النقد لتسهم مع الإيرادات الأخرى في تغطية النفقات العامة لقاء الخدمات العديدة التي تقدمها الدولة للمواطنين والمقيمين..". المشكلة الكبيرة التي نواجهها مع الارقام، أن من ينشرها لا يناقشها، والجهة المعنية بإصدار هذه المعلومات الرقمية لا توضح للجمهور ما قد يكون خافيا، ما يثير الكثير من اللبس والغموض. أن تكون الايرادات خلال عام مالي واحد 32/1433ه، 776.06 مليار ريال، فهذا يعني اننا بحمد الله لن نحتاج لانفاق ريال واحد من ايرادات النفط. هذا منطوق الخبر وأول ما يحمل من إيحاءات.. إلا انه يبدو رقما غير معقول او ثمة تفاصيل تخفى عنا، وأعتقد ان ثمة لبسا لم يتم استدراكه او توضيحه لكثير من المستقبلين الذين ادهشهم هذا الانجاز الكبير!! ففي وقت سابق نشرت صحيفة الاقتصادية في 5/9/2013 على لسان صالح العواجي نائب مدير عام مصلحة الزكاة والدخل للخدمات المساندة، عن تحقيق إيرادات مالية بلغت 20 مليار ريال حتى نهاية آب (أغسطس)، متوقعا أن تبلغ بنهاية العام 27 مليار ريال بنسبة نمو 10 في المائة عن العام السابق. فأين هذا عن الرقم المنشور؟! العودة إلى الموقع الالكتروني للمصلحة لم يقدم شيئا يذكر، فلا اشارة لتقرير ولا خبر عن تحصيل، ناهيك انه موقع يفتقر للتحديث، ولازال يعيش مثل مواقع جهات حكومية أخرى على اخبار طواها عام أو يزيد.. وفي ذات اليوم الذي نُشر فيه هذا الخبر كان هناك خبر آخر، أحبط جهود جمعية المتقاعدين في امكانية زيادة الحد الادنى للراتب التقاعدي الى 4000 ريال لمواجهة اعباء الحياة، خاصة ان جزءا مهما من تلك الرواتب التقاعدية يتراوح بين 1800 و2000 ريال. أما السبب فيعود لرفض وزارة المالية ومؤسسة التقاعد، على اعتبار أنه لا توجد ايرادات كافية لمواجهة اعباء تلك الزيادة في رواتب أولئك المتقاعدين. ومرة اخرى مع مخاطر الارقام التي لا تناقش ولا تدقق قبل نشرها. فصحيفة الحياة تشير إلى ان مجموع المعاشات المصروفة إلى المتقاعدين كافة نحو 44 مليونا و 558 ألف ريال. واعتقد ان ثمة خطأ كبيرا، فالرقم أكبر من هذا بكثير. ولو فرضنا بأن هناك نصف مليون متقاعد بمتوسط مرتب 2000 ريال، وهو أقل من المتوسط.. فهذا يعني ان المصروف يصل إلى مليار ريال شهريا. لازلت حائرا أمام هذه المفارقات الكبيرة. ميزانية ضخمة واحتباس مقلق أمام استحقاقات اجتماعية يجب ان تكون في عين المسؤول، فالفقر كابوس أصبح ينشر ظلامه على جزء من هذا المجتمع، ولا مناص من مواجهته عبر وسائل لا تضر بتوزيع الدخل، ولكن تضمن عدالة نسبية في تحقيق كفايات لابد منها. عندما كان السائل يمد يده للعابرين، يسأل من مال الله. كنت اتوقف كثيرا وأنا استعيد صياغة السؤال. فهو يطلب من مال الله الذي استُخلف فيه الانسان. وفي هذا المال حق معلوم للسائل والمحروم. انه مال الله وليس مالكم ايها القابضون على مخازنه، وانه مستحق في أوجه صرف ليحقق نوعا من التوازن بين القدرة واللاقدرة.. بين الحاجة والكفاية.. بين من يكسب ومن لا يقوى على الكسب.. بين من يثري ثراء كبيرا وبين من يتخبط في توزيع رزقه على تكاليف الحياة، توجعه قلة اليد وفراغ الجيب وتضخم الاسعار ومواجهة أعباء اليومي.. فكيف بمن أوهنه الكبر والعجز براتب تقاعدي يقدر بألفي ريال أن يحل تلك المعضلة. إن اخطر ما يواجه أي مجتمع، تلك المساحات الشاسعة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، بين من يملك كل شيء ومن لا يملك شيئا، بين من يكافح لسد ثغرات يومه وقوت عياله وبين من يعيش حالة ترف غير مسبوقة يكفي بعض فتاتها لينتشل كثيرين من وهدة العجز والاسى. البيروقراطية الحكومية المترددة والمؤجلة، مضرة اذا لم تتصد لقضايا مثل هذا النوع.. ولن تكون ذريعة نقص الايرادات مقنعة، فوجوه تحصيل الزكاة لم تقفل بعد وسنجد ان هناك ثروات كبيرة عالقة بين البنوك والاراضي البيضاء لو فرضت عليها زكاة عروض التجارة لوجدناها تحقق ارقاما مذهلة لم تكن متوقعة بحال. ماذا يعني ان تقل ارباح بضعة آلاف من الاشخاص نتيجة فرض ضريبة على الاراضي المعدة للتجارة، في سبيل توفير مصادر دخل تدفع للأكثر احتياجا؟! وكيف يمكن ان نواجه معضلة الاسكان أمام عملية الاحتكار الواسعة للأراضي البيضاء؟ لتفرض ضريبة على الأراضي المعدة للتجارة التي تتجاوز حاجة أية اسرة للسكن وسنرى ان المليارات تتدفق من كل جانب لتمتلئ بها خزائن مصلحة الزكاة والدخل.. حتى ربما لا تجد طريقا لصرفها بعد ان أوفت بالتزاماتها تجاه الطبقات المستحقة. لتفرض هذه الضريبة / الزكاة من اجل مصلحة مجتمع منسجم، لا مجتمع بدأت اعراض المرض تظهر عليه بين من يملك الكثير ومن لا يملك أقل القليل. ما الذي يمنع ان تفرض ضريبة او زكاة على اموال طائلة مجمدة في البنوك على شكل ودائع.. بل ستكون الوسيلة المثل لحركة جديدة لرأس المال.. (حتى لا يكون دولة بين الاغنياء..) وستكون ايضا دخلا مهما لبلد يجب ان يضع في اولوياته الوفاء بالتزامات اجتماعية تزيد ولا تنقص. ليفسح المجال لمؤسسات المجتمع المدني، وليصدر قانون الجمعيات الاهلية الذي طال انتظاره.. انها ايضا وسيلة اخرى لمواجهة مشكلات تطال شرائح يمكن ان تنتظم في تلك الجمعيات التي تتحرك من أجل خدمة اعضائها.. وينتظر منها كأي أهلية أخرى ان تساهم في توفير سكن اقتصادي لأعضائها ومراكز تعاونية ومصادر كسب تجعل مجتمعا متعدد الاهتمامات يوظف قدراته لصياغة حلول حتى لو جزئية تخفف من اعباء الحكومة الكبيرة والمتنامية. المجتمعات الحديثة لا تقوم فقط على القطاع الحكومي والخاص. فالأول قطاع متخم بمسؤولياته مرهق ببيروقراطية مستحكمة، والآخر معنيّ بالكسب، وجزء كبير منه يعيش عالة على انفاق الحكومة.. بينما الثالث هي مؤسسات المجتمع المدني، هذه الذراع المعطلة التي يمكن استثمارها لتحقيق مصالح الفئات المنتظمة فيها.. بدلا الانتظار الطويل ورمي المسؤولية بكاملها على اكتاف الاداء الحكومي المتعثر..