قالت شركة عالمية لتحليل المخاطر إن تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي يضاعفان من المخاطر وإن 32 دولة تعتمد على الزراعة معرضة بشدة للصراعات أو الاضطرابات المدنية خلال الثلاثين عاما المقبلة. وذكرت شركة مابلكروفت الاستشارية في دراستها السنوية بعنوان "أطلس تغير المناخ والمخاطر البيئية" أمس الأول أن الاضطرابات السياسية والعرقية والطبقية والدينية قد تتفاقم بسبب نقص الغذاء وارتفاع الأسعار. وأشار المحللون إلى أن القادة العسكريين في العديد من الدول يسبقون حكوماتهم في التركيز على مثل هذه المخاطر. وأضافت الشركة ومقرها بريطانيا أنه في نيجيريا على سبيل المثال قد يكون لصعود جماعة بوكو حرام الإسلامية المتشددة علاقة بتحركات سكانية تسببت فيها موجة جفاف ضربت شرق أفريقيا قبل عشر سنوات. وذكرت أن بنجلادش وسيراليون وجنوب السودان ونيجيريا وتشاد وهايتي واثيوبيا والفلبين وجمهورية افريقيا الوسطى واريتريا هي الدول الأكثر عرضة للخطر. كما تشمل فئة الدول المعرضة للخطر الشديد اقتصادات سريعة النمو من بينها كمبوديا والهند وميانمار وباكستان وموزامبيق. والقاسم المشترك بين الدول الأكثر تضررا هو اعتمادها على الزراعة حيث يشتغل 65 في المئة من العدد الإجمالي للقوى العاملة بين سكانها في الزراعة التي تمثل 28 في المئة من إنتاجها الاقتصادي الاجمالي. وقال جيمس الان المدير المساعد في مابلكروفت "أعتقد أن المدهش هو الصلة الوثيقة بين الأمن الغذائي وتغير المناخ.. لم نكن نتوقع هذا القدر من الصلة". وقد يشعر الناس العاديون بالجوع إذا لم تتمكن بلدانهم من إنتاج ما يكفي من الغذاء كما تواجه الشركات مخاطر متزايدة بسبب تغير المناخ إذا حظرت الدول تصدير المواد الغذائية الأساسية. وقال الان إن هناك مخاطر تتعلق بسمعة الشركات التي تصدر المحاصيل من أجل الأرباح التجارية من دول تعاني من إنعدام الأمن الغذائي في الداخل. وتقدر لجنة تغير المناخ التابعة للأمم المتحدة التي تشارك في عضويتها الحكومات أن إنتاج المحاصيل الأساسية كالأرز والقمح والذرة قد يتراجع بنسبة تصل إلى 50 في المئة في بعض المناطق على مدى الخمس والثلاثين سنة المقبلة نتيجة لتغير المناخ. وتؤكد دراسة مابلكروفت تقارير لوزارة الدفاع الأمريكية وكيانات عسكرية أخرى بشأن التداعيات الأمنية للاحتباس الحراري في العالم. وأضافت الدراسة أنه في حين تتردد بعض الحكومات إزاء التزاماتها بتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري فإن المؤسسات العسكرية الرئيسية في العالم تدرك مخاطر الظاهرة على السلام والاستقرار. وقال الان "بمعنى أن الجيش يسبق الحكومة فيما يتعلق بتغير المناخ لأن بإمكانه رؤية التداعيات المباشرة، وينظرون إلى ذلك على أنه مسألة إدارة مخاطر في حين يعمل النواب المنتخبون على تسييس علوم المناخ بسبب الضغوط الداخلية". وعلى سبيل المثال أعاد الجيش الأمريكي النظر في توقعاته بشأن تغير المناخ فبعد أن كان يعتبره مضاعفا للمخاطر أصبح يرى فيه عاملا مساعدا على إثارة الصراع. كما ربط تقرير مابلكروفت بين ما يعرف بالربيع العربي والصراع في سورية وأمثلة أخرى على الاضطرابات الاجتماعية من ناحية وتذبذب أسعار الغذاء وتغير المناخ من ناحية أخرى. وقال ريتشارد هوستون المحلل البيئي في مابلكروفت "من المثير للتحدي الربط مباشرة بين هذه الاتجاهات وجماعات عنيفة مثل بوكو حرام لأن هناك العديد من العوامل". وكانت موجة جفاف قد ضربت معظم أجزاء شرق افريقيا في أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة وأدت إلى زيادة في أعداد المهاجرين إلى نيجيريا من دول مجاورة مما أثار توترات مع السكان المحليين وتنافسا على فرص العمل الشحيحة. وقال هوستون إن الشبان المحرومين الذين تتضاءل أمامهم آفاق العمل يمثلون بيئة خصبة للتجنيد بالنسبة لجماعات مثل بوكو حرام. وذكرت الدراسة أن بعض الدول حسنت من ترتيبها فيما يتعلق بالمناخ والغذاء عن طريق الاستثمار في تقليل الفقر وتحسين البنية التحتية والمحاصيل المقاومة للجفاف. وفي السنوات الأخيرة تحسنت مراكز اندونيسيا والصين والهند والفلبين في مؤشر مابلكروفت للقدرة على التكيف. وقال هوستون إنه يجب أن يوجه تمويل التكيف على تغير المناخ إلى الأمن الغذائي إذا أرادت الشركات والحكومات تفادي انعدام الأمن المتصاعد.