جاءت الدفعة الرابعة من دفعات صندوق التنمية العقاري، التي شملت تقديم (5149) قرضاً للمواطنين، بقيمة أكثر من مليارين وخمسمائة وأربعة وسبعين مليون ريال، وما سبقها من دفعات، وما سيلحقها من دفعات، دون أن تلقى أي ترحيب أو استبشار لبعض من وردت أسماؤهم في هذه القوائم، لعلمهم بأنها مجرد موافقات على الورق، ولن يتمكنوا من أخذ قروضهم ولا من حق التصرف بها؛ لأنهم لا يملكون أرضاً للبناء عليها، إما لأنهم قد باعوها، أو أنها مجرد صك فقط، أو أنها في المخططات البعيدة عن الخدمات، التي كانت قائمة الحركة فيها أصلاً لأجل التقديم على الصندوق، مثل (عريض)، كما أنهم لا يملكون قيمة تمكنهم من شراء سكن جاهز ملائم؛ ليتمكنوا من استلام قروضهم على هذه المساكن. إن إشكالية المواطن ليست مع صندوق التنمية العقاري؛ فالصندوق منذ إنشائه وهو يسير وفق آلية إلكترونية مقبولة من الجميع، قائمة على اعتماد تاريخ التقديم وانطباق الشروط إلكترونياً؛ ما وفر حماية له من تدخل المتنفذين في آلية التوزيع وحق الأسبقية والأحقية بالقرض.. لكن قضية المواطن الحقيقية وإشكاليته المتواصلة والمستمرة والمزمنة والمتعسرة على الحل حتى الآن هي مع تملك الأرض، رغم أن مساحة السعودية تتجاوز المليونين وربع المليون، وتعتبر ثاني دولة عربية من حيث المساحة! إن وزارة الإسكان، ومن خلال ما تعلنه عبر وسائل الإعلام المحلية من مشاريع إسكانية تبشر بقرب حل أزمة السكن، أصبحت مطالبةً أكثر من أي وقتٍ مضى بالإسراع في إيضاح أسباب تأخُّر تسليم المشاريع الإسكانية المتأخرة منذ سنوات حتى الآن؛ على اعتبار أن السكن في السعودية أصبح من الأساسيات المعيشية للمواطن، التي تحولت معه إلى أزمة سكن حقيقية مزمنة. يا معالي وزير الإسكان، يجب أن ينصب اهتمامك وتركيزك وعملك على توفير الأراضي للمواطنين في الأماكن القابلة للسكن القريبة من الخدمات.. وخصوصاً أن وزارتك أكملت عامها الرابع ولا تزال منتجاتها دون الآمال والتوقعات، ولا تتماشى مع ما وفرته الدولة لها من ميزانية ضخمة تعادل ميزانية دول. يا معالي الوزير، نعلم أنك تعمل على رأس هرم وزارة وليدة لكن الآمال أكبر من العمل الذي بُذل حتى الآن؛ فالمشاريع الإسكانية الموزَّعة في مختلف مناطق السعودية لم تسلَّم حتى الآن لمستحقيها وفق ما وُضع من جداول زمنية لتسلمها وتسليمها؛ فالأراضي البيضاء لا تزال تتناثر بين الأحياء كالمستعمرات، لا يستطيع المواطن مجرد العبور خلالها.. واجتماعكم مع هيئة كبار العلماء ومحاولتكم إقناع أصحاب الفضيلة بصواب القرار كان محل ترحيب وتقدير المواطن، لكن لا يعني ذلك أن تتوقف الجهود هنا؛ ففرض الضرائب أو الزكاة على الأراضي البيضاء غير المستغلة والمحتكرة في عموم المدن بات مطلوباً الآن بشكل حقيقي وفاعل، يتزامن مع تطبيق التحذير الشهير الذي أطلقه معاليكم للعقاريين يا تعمر يا تبيع؟