** أمران أعجب من وجودهما في نسبة ليست بسيطة من غالبية مواطنينا عندما يغادرون إلى الخارج لأي غرض كان، سواء للسياحة أو الدراسة أو العيش لفترة قصيرة أو طويلة. أولهما النفور من الأماكن التي يتواجد فيها «السعوديون» فإذا ما ذكرت مدينة أو بلدا تقصدها، تفاجأ بإجابة أو تعليق الصديق أو القريب «لا ياشيخ هذه مليانة سعوديين» وحتى لو وجدنا بعض إخواننا في أي مكان في الخارج نحاول أن نبتعد عنهم ولا نتحدث معهم، وربما لا نلقي السلام عليهم وفي اعتقادي أن هذا تصرف «أناني» و«قاصر» وغير منطقي، لأن ما هو متاح لك هو متاح لغيرك، وما يستوعبك وأسرتك، سيستوعب آخرين سواء كانوا من جنسيتك أو من جنسيات أخرى، ولا أعتقد أن الأمريكي أو الياباني أو اللبناني يضيق بأبناء جنسيته إذا وجدهم في أي بقعة من هذا العالم، بل ربما يلتقيهم ويفرح بهم، وقد يكونون عونا له إذا ما ألمت به مصيبة أو حدث له عارض. ونحن السعوديين ذوو نخوة وكرم وشجاعة، ومن تجربة شخصية لي ولغيري فإن السعودي عندما يحل في أي مدينة للدراسة مثلا، فإن إخوانه هم أكبر عون له، ويبذلون كل ما في وسعهم لمساعدته حتى يتأقلم مع الوضع الجديد الذي يعيشه، وكدليل على ذلك فإن طلابنا في كل بقاع العالم يقومون بهذا الواجب مع كل أخ أو أخت يصل إلى المكان الذي يعيشون فيه سواء كانوا يعرفونه من قبل أو لا يعرفونه، وحقيقة فهم أقرب إليه من أي غريب لا نعرفه. أما الأمر الثاني فهو إعجابنا بما نراه في الخارج كما هو، ونقارنه بنظرة دونية لما هو في بلادنا حتى وإن كان ما لدينا الأفضل والأجمل و «الأنظم»، ونتندر بسوء السلوك و التنظيم عندنا، ونمتدح ما نراه عند غيرنا، ومن ذلك الالتزام بقواعد المرور، والحرص على الوقوف صفا بانتظار «الدور» في الطلب أو الشراء أو مراجعة أقسام المؤسسات والشركات التي نضطر لمراجعتها لأي غرض نريده، يحدث هذا رغم أننا نحن السبب فيه، فسلوكنا في الخارج يختلف عن سلوكنا في الداخل، ورضانا بما نواجه هناك يقابله تبرم وضيق بما هو هنا، ولو نظرنا بتجرد كامل لهذه المقارنة سنجد أن سلوكنا المزدوج هو السبب، فنحن ملتزمون في الخارج، وفوضويون في الداخل.. وصدق الأمام الشافعي عندما قال: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا