ربما كانت أصدق صورة تُمثل السياحة الداخلية في بلادنا وفعالياتها على أرض الواقع العملي دون زخرفة أو تهويل.. هي تلك الصورة الشهيرة التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية بين فترة وأخرى، وتُظهر أحد رجال الحسبة وهو يعتلي أحد المسارح التي تُقام فيها إحدى الفعاليات السياحية في أحد مناطق المملكة، ويقوم مع آخرين، بتحطيم آلات فنية كانت تستخدمها فرقة فنية على نفس المسرح، ويقف على أنقاض آلة العود ويمسك بيده التي يرفعها للأعلى بكل فخر بقايا عود آخر قام بتكسيره. *** هذه الصورة وحدها تقوض كل الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة في المملكة وأميرها، وتجعلها جهودًا لا جدوى منها أمام هذه الصورة السلبية للسياحة في بلادنا، فإذا ما تواكبت هذه الصورة مع الغلاء الذي يواجهه الراغبون في السياحة من ارتفاع أسعار الشقق والفنادق وغلاء رسوم الدخول للمتنزهات السياحية، والمبالغة في أسعار تذاكر الألعاب المختلفة التي يرتادها الأطفال. أما الفعاليات الفنية فحدّث ولا حرج فهي عادة ما تنتهي بإغلاق المكان وطرد المرتادين بعد أن يكونوا قد أنفقوا الكثير دون أن يعوضهم أحد عن التكاليف المادية، ولا النفسية التي عانوا منها هم وعوائلهم من جراء تصرفات غير مسؤولة تُلصق مغبتها عادة بمحتسبين غير تابعين لجهات رسمية، وكأننا نعيش صورة كاريكاتورية تمثل ما كان غوار الطوشي يقول عنه في مسلسلاته الكوميدية "حارة كل مين إيده إله". *** إن تطوير قطاع السياحة وتشجيع رجال الأعمال على إقامة مشروعات سياحية يستلزم ضمانات تطمئنهم ألا تنتهي استثماراتهم إلى المجهول. وما ينتقص مشروع السياحة في بلادنا ليست المشروعات الجبارة أو البنية التحتية وحدها، بل «عقلية» البعض التي تنظر إلى هذا القطاع بالشك والريبة، وترى في تلك النشاطات مثالب يجب درؤها حتى لا تقود إلى مفاسد غير محسوبة.. إلخ. ناهيك عن الطريقة التي يتعامل بها قطاع لا بأس به من السعوديين مع الأجانب، وهم القوى السياحية المتوقعة، بل ومع السعوديين من مناطق أخرى؟! فإذا كانت المناطق السياحية السعودية طاردة للسائح السعودي فإنها لا يمكن أن تكون جاذبة للسائح الأجنبي. *** لذا فإن التحسر على ملايين الريالات التي ينفقها السياح السعوديون في الخارج أثناء قضاء إجازتهم في مختلف الدول العربية والأجنبية، والتحدث عن إمكانية استقطابها وتوجيهها كي تنفق داخل البلاد من خلال تنمية مناطق سياحية وتطوير مرافقها وغير ذلك تقف أمامه تلك «العقلية» المتواجدة في جهات لديها القدرة على تحطيم الآمال التي يحملها المواطن والجهات الرسمية لتطوير السياحة الداخلية بنفس السهولة التي يُحطم فيها البعض آلات عزف صغيرة.. ويجعل مصير السياحة في بلادنا مجرّد أحلام يقظة!! * نافذة صغيرة: (يا دكتور ـ سافر على الطرق السريعة بين المدن وادخل إحدى الموبوءات (عفواً: الاستراحات) لتناول وجبة غداء واتجه لدورات المياه، لتدرك حجم المعاناة التي يلاقيها الحجاج والمعتمرون عند مرورهم بهذه الموبوءات التي لا توجد ولا في الأحلام، والتي لا يعرف عنها شيئا موظفو هيئة السياحة والآثار، وربما حتى أنت، يـا دكتورنا العزيز).. دعشوش. nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain