تحول منزل في إحدى قرى “القويعية”يوم الجمعة الماضية إلى ساحة لجريمة بشعة ارتكبها ثلاثة أبناء بحق أمهم، التي حملتهم وهنًا، وسهرت على تربيتهم وتعليمهم حتى صاروا رجالا، قبل أن يتنكروا لها، ويضربونها علقة ساخنة، ويسقطونها أرضًا، ويجرونها إلى سيارة أحدهم، تنزف دمًا، وتكره اليوم الذي حملت فيه بطنها هؤلاء الثلاثة. ففي واحدة من أبشع صور العقوق والعنف الأسري، تجرَّد ثلاثة أبناء من كل معاني الرحمة والإنسانية، ، هجموا عليها جماعة، سبًّا وضربًا وإهانة أمام الأهل والجيران وكل سكان القرية. توسلت.. بكت.. صرخت.. استغاثت..«يا ولدي ارحمني.. يا كبدي اتركني» ولا أحد يتوقف لحظة عن إهانتها، بل عندما سقطت مغشيا عليها أمام بقية أطفالها الصغار من فرط الضرب المبرح، لم يكلف أحد المعتدين العاقين نفسه لإغاثتها أو طلب الإسعاف، بل زادوها، وسط ذهول المارة. وقبل أن يتدخل أهل القرية لإنقاذ الفريسة من بين أنياب الأسود المتوحشين، أصر الثلاثة (أكبرهم فى العشرين وأصغرهم فى السادسة عشرة وأوسطهم 18 عاما) على تعذيبها جرًّا وسحلاً إلى سيارة أحدهم، عارية الرأس، مكشوفة الوجه، وفروا بها من أمام الأعين، إلا أن فريقا من أهل القرية أخذ يركض خلفهم، حرصا على حياة الأم التي فقدت الحركة والكلام، وبعد أن قطع الثلاثة مسافة لا تقل عن عشرين كيلومترا بأمهم المسكينة، المغدورة، أوقفهم الأهالي، وطلبوا الجهات الأمنية، لتحرير الأم (الضحية) من سطوة الأبناء الجناة. علم شقيقها بما حدث، وروى وفقا لموقع «الوئام»بداية المأساة قائلا: تلقيت اتصالاً هاتفيًّا من قبل إحدى قريباتي، بتعرض شقيقتي للاعتداء من قبل أبنائها الثلاثة وإجبارها على الصعود عنوة إلى السيارة والفرار من القرية، فأبلغت الأجهزة الأمنية، وتوجهت إلى منزلها بعد عشاء مساء يوم الجمعة الماضي، مستعينا بأهل القرية، وبعد مطاردة مثيرة لمسافة تزيد على عشرين كيلومترًا تمت السيطرة عليهم بمعاونة الدوريات الأمنية». سألناه كيف كان حالها لحظة تحريرها من قبضة أبنائها الذين أجرموا في حق أنفسهم وأهانوا والدتهم؟ فيجيب الشقيق: «كانت في حالة نفسية يُرثى لها.. كانت مكشوفة الوجه والرأس، وما كادت تلتقط أنفاسها واقفة حتى خارت قواها دامعة، تناجي ربها أن يرحمها من عنف وقسوة الأبناء». سقطت الأم التي تبلغ من العمر (40 عاما) أرضا مغشيا عليها في مشهد درامي (تراجيدي) تقشعر له الأبدان، ويعجز عن إخراجه أشهر مخرجي هوليوود، وبعد أن أجريت لها الإسعافات الأولية، جرى نقلها إلى أقرب مركز صحي، ومنه تم تحويلها إلى مستشفى القويعية العام. سكنت الأم السرير الأبيض، ودفعت ثمن العقوق والجحود، آلامًا مبرحة، وسحجات، وانتفاخات دموية بالجسد الضعيف، ووفقا لتقرير المستشفى لم يَسلَم مفصل الرسخ الأيمن من قسوة الثلاثة، وتم إنقاذه بدعامة، وبعد أن تلقت الأم العلاج اللازم، خرجت من المستشفى تجر أذيال الخيبة والندامة؛ حزنا وحسرة على أبناء كانت تحسبهم سندًا ومعينًا، وإذ بهم يقابلون الجميل بالنكران، والحسنة بالإساءة والحنان بالضرب، والعطف بالسحل والركل. ولأن الإهانة كبيرة لأي أم، لم يتردد -خال الأبناء- في طلب تقديمهم إلى العدالة؛ لينالوا جزاء جرمهم، وعقوقهم، وحتي يكونوا عبرة لمن يتجرأ على إهانة (ست الحبايب)، ويثير الهلع والفزع في نفوس صغارها، ولا يرحم توسلاتها ودموعها، مطالبا بسرعة تدخل الجهات الحقوقية ولجنة الحماية الأسرية، لضمان عدم تكرار تلك الجريمة بحق أم كان قدرها أن تنجب أبناءً ضربوا عرض الحائط بكل معاني الأمومة والإنسانية.