×
محافظة المنطقة الشرقية

4 رسائل من "مجلس حكماء المسلمين" إلى شباب وحكام الدول الإسلامية والعالم

صورة الخبر

لم تخطيء نوال عندما قررت أن تصدح بأحزانها كأنثى عبر المدى، ولم تخطيء نوال عندما حاولت أن تنتزع صمت المجتمع من حولها تجاه ظاهرة التحرش، حتى لو كان المتحرشون هذه المرة ممن يرتدون زي السلطة، ولم تخطيء نوال عندما اختارت بإرادتها أن تكون صرختها رمزاً لأنثى حاولت أن تكشف ولو قدراً يسيراً من حادثة تعرضها للتحرش أمام نقابة الصحفيين عصر يوم 25 مايو 2005، كاميرات القنوات الفضائية كانت تراقبها، عيون الباحثين عن الحقيقة في 4 شارع عبد الخالق ثروت حيث مبنى نقابة الصحفيين، كانت ترصد لحظة بلحظة أيادي المتحرشين وهي تنسحب بغلظة إلى كل جزء من جسدها هتكاً لسترها، أياديهم تعبث بصدرها، أصابعهم القذرة تمزق ملابسها قطعة قطعة ممتدة إلى المناطق الحساسة من جسدها. لم ترفع نوال لافتة ولم تنبث شفتاها بكلمة اعتراض، فقط هي جملة واحدة قالتها للضابط الذي رفض أن تدخل نوال الى مقر نقابتها أنا لازم ادخل.. عندي دورة في اللغة الإنجليزية.. واتأخرت عليها، بينما كانت مجموعة من النشطاء المحتجين على قرار رئيس الجمهورية الأسبق حنسني مبارك بتعديل الدستور، قد اتخذوا من سلالم نقابة الصحفين منبرا لاعلان رفضهم، يحوطهم مجموعات غفيرة من رجال الامن والبلطجية معاً، إشارة واحدة من ضابط الشرطة استيقظت عليها عشرات الأيادي الميتة التي استعادت حياتها داخل جسد نوال، حينما عبثت بكل مكان فيه. تصرخ نوال طلباً للنجدة من قيادات الشرطة الذي أحاطوا بها سعداء بمشاهدة عرض إباحي حي، ولا من مجيب سوى الصمت ورجع الصدى ووقع ضحكات تتساقط كالرصاص على جسدها النحيل العاري، وهمسات لمصمصة شفاه صحفيين اكتفوا بعبارة إنه أربعاء أسود، فيما امتنع المعهد البريطاني عن عقد اي دورات تدريبية أخرى داخل نقابة صاحبة الجلالة معتبراً أنها مكان غير آمن لعقد أي دورات تدريبية. وحدها نوال اختارت الطريق الصعب، لم تنصت لمقولات الصمت ستر حتى ولو كان هذا الصمت هتكاً للستر، خرجت نوال من النقابة بملابس ممزقة لا يسترها سوى قميص زميل صحفي، محاولة التقدم ببلاغ ضد من تحرشوا بها على مرأى ومسمع من قيادات أمنية ومئات الصحفيين وعشرات العدسات، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، فقد رفض المحققون الاستماع لشهادتها أو لشهادة شهود العيان من أبناء صاحبة الجلالة مكتفين باستلام البلاغ تمهيداً لوضعه في أدراج السلطة، وكالعادة لا من مجيب سوى الصمت ورجع الصدى ووقع ضحكات تتساقط كالرصاص على جسدها النحيل العاري ومصمصة شفاه تتبعها مصحوبة بعبارة الصمت سترة، فترد نوال بل هتك للستر. قررت نوال كسر حاجز الصمت، وأن تخرج لتحكي قصة تعرضها للتحرش على شاشات القنوات الفضائية، لتجد نفسها ضحية لطواغيت السلطة، كل الأبواب الرسمية توصد أمامها، صحيفة الأهرام تنشر تقريراً بتاريخ 26 مايو 2005 للصحفي أحمد موسى، عضو مجلس نقابة الصحفيين آنذاك، يتهمها فيه بأنها هي التي مزقت ملابسها قطعة قطعة لكي تلقي بواقعة التحرش بها على رجال الأمن، مجلس نقابة الصحفيين يتعامل مع مذكرة حملت توقيع أكثر من 500 صحفي على مذكرة لعزل موسى عن موقعه كعضو بمجلس نقابة الصحفيين بسياسة أذن من طين وأخرى من عجين، جريدة الجيل تصدر قراراً بفصلها في 11 يونيو 2005، والنائب العام الأسبق عبد المجيد محمود يحفظ التحقيق في بلاغها بتاريخ 27 ديسمبر 2005 لـعد الاستدلال على الفاعل، زوجها يطالبها أكثر من مرة بالتوقف عن الظهور في الفضائيات محاولاً إقناعها بأن الصمت سترة، فترد نوال بل هتك للستر، فتنتهي قصة الزواج بنهاية الطلاق الحزينة عقاباً لها على خرق حاجز الصمت. تتجرع نوال كل أشكال العقوبات التي انهالت عليها لتنتزع شيئاً فشيئاً جزءاً بعد جزء من سترها الرقيق، تولد سياط السنة الناس ولهب نظراتهم حزنا في قلبها الموجوع يتحول الى سرطان مطارداً خلايا جسدها النحيل، وصدى لوقع ضحكات لا تتوقف عن السقوط كالرصاص على جسدها النحيل العاري ومصمصة شفاه تتبعها مصحوبة بعبارة الصمت سترة، فترد نوال بل هتك للستر. تلقي نوال بكل أحزانها وأوجاعها ونصائح الصمت سترة خلف ظهرها، وتتجه في 18 مايو 2006 إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لتقديم شكوى تطالبها فيها بالتحقيق في حادث تعرضها للتحرش الجنسي، وتصدر اللجنة قرارها في 14 مارس 2014 بإدانة الحكومة المصرية وإلزامها بإعادة فتح التحقيق في قضية نوال ومحاكمة المتهمين وإلزام الحكومة بدفع 57 ألف جنيه تعويضا، وكعادة أفلامنا القديمة، لم يلحق قرار اللجنة بقطار نوال، فقد جاء متأخراً عن موعده بعدما رحلت نوال عن عالمنا في 10 نوفمبر 2009 مصحوبة بعبارة الصمت سترة، فترد نوال بل هتك للستر، مقررة أنها وحدها من يكتب فصل النهاية.