في يوم ما، كان ثمة من يعارض منح العاطلين عن العمل إعانة مالية؛ كي لا تكون هذه الإعانة سببا في زيادة أعداد الكسالى الذين يتقاضون راتبا دون عمل، وبالطبع لم يكن هذا الرأي وجيها؛ لأن إعانة العاطل حتى يجد عملا من مسؤوليات الدولة تجاه أبنائها، كما أنه يعتبر إحدى وسائل تفادي المشاكل الاجتماعية المترتبة على البطالة. وحين تم إقرار حافز، وضعت وزارة العمل مسألة (عدم تشجيع الكسالى) في اعتبارها، فوضعت خطة عجيبة تعتمد على (التنغيص) أكثر من اعتمادها على المتابعة العملية لحالة المستفيد من الإعانة، حيث قامت الوزارة بتحويل البطالة إلى وظيفة من خلال إلزام المستفيد بتحديث بياناته بصورة دائمة على موقعها الإلكتروني، إضافة إلى انخراطه في دورات تدريبية عبر الإنترنت، وهكذا ظنت الوزارة أنها (حللت) الألفي ريال التي تمنحها للعاطل، ولكن ــ كما يقول راشد الماجد: (على مين تلعبها؟!). فالذي حدث أن هذه الخطة عذبت الجادين في البحث عن العمل، ولم تقلق منام الكسالى؛ لأن الكسول ينجح دائما في الدفاع عن كسله، وتأتيه الأفكار العبقرية وهو غائب في مجاهل المخدة، فقد ظهرت مؤخرا مهنة (محدث البيانات) الذي يتولى مهمة تحديث البيانات الدوري نيابة عن العاطلين، ويشترك بالنيابة عنهم في الدورات التدريبية الإنترنتية، ويجيب على أسئلة الاختبارات مقابل مائة ريال شهريا من كل مستفيد نائم. وبحسب تقرير نشرته الحياة، فإن كل (محدث) من هؤلاء لديه ما لا يقل عن 300 عاطل يقوم بتحديث بياناتهم بالنيابة عنهم ليصل دخله إلى 30 ألف ريال شهريا، أي أن دخله يفوق دخل بعض المسؤولين الذين يقفون خلف نظام حافز. المشكلة هنا في نظام التدقيق نفسه، وليست في العاطلين، فالمسألة تشبه إلى حد بعيد نظام البحوث في المدارس والجامعات الذي وضع بطريقة (رفع العتب)، فكانت النتيجة انتشار المحلات التي تعد هذه البحوث مقابل مبلغ زهيد دون أن يقرأها الطالب أو المعلم، لذلك على وزارة العمل أن تبحث عن طريقة أخرى لمتابعة أحوال المستفيدين من الإعانة، وأن تتخلص من شرط التحديث الذي لا يخلو من (المنة)!.