الحادثة المؤلمة التي تعرض لها بعض أفراد الجيش المصري في سيناء وحصدت عددا كبيرا من الضحايا والمصابين ألقت بظلالها الكئيبة على المجتمع المصري، بكل مؤسساته الرسمية والأهلية، وشرائحه الاجتماعية بكل مستوياتها الثقافية واهتماماتها المختلفة؛ لأنها حدثت في الوقت الذي بدأت فيه مصر تلتقط أنفاسها وتستعيد توازنها وترتب أوراقها استعدادا لخوض استحقاقات هامة في مقدمتها الانتخابات البرلمانية، إضافة إلى المؤتمر الاقتصادي الذي تعول عليه مصر في دفع اقتصادها في ظل تحسن لأوضاعها الأمنية يشجع على جلب الاستثمار وعودة رافد السياحة المهم واستعادة دورة الحياة في مؤسساتها الصناعية والاقتصادية. الذين نفذوا تلك العملية التي تعتبر واحدة من أقسى الضربات التي تلقتها مصر مؤخرا يعرفون جيدا أن استقرارها يعني الكثير لدول المنطقة، ويمثل عمود التوازن والاستقرار في المحيط الذي تعمه الفوضى من حولها، ولذلك لا بد أن يشاغلوها بمثل هذه المناورات التي تستهدف أمنها، وعندما قال الرئيس السيسي إن هناك أيادي خارجية وراء تلك العملية، فإنه حتما يعني ما قاله، ولديه من المعلومات ما يستند عليه حتى وإن لم يذكر الجهة أو الجهات التي تقف خلفها. هناك بالتأكيد من يزعجه استقرار مصر؛ لأنه يأتي معاكسا لما كان يتمناه أو ما خطط له أو ما ساعد في تنفيذه خلال الفترة الماضية، وهؤلاء لن يعدموا الذين لديهم استعداد لخيانة وطنهم من داخل مصر أو متعاونين معهم من خارجها، بعيدين كانوا أو قريبين. وحتما لن تتوقف محاولاتهم؛ لكنها ــ بالتأكيد ــ ستنحسر بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية عقب الحادثة، وهي إجراءات ضرورية ومبررة لحماية مصر من مخطط الفوضى واستهداف أمنها. لقد بادرت كل الدول المحبة لمصر، وفي مقدمتها المملكة، للتعبير عن استنكارها الشديد لحادثة الغدر القبيحة، وتأكيد دعمها المستمر لكل ما من شأنه ضمان استقرارها وعودتها قوية فاعلة في محيطها العربي والإقليمي والدولي، وفي المقابل صمتت بعض الأطراف في شكل من أشكال الحياد المرفوض في مثل هذه الأحداث؛ لأنه لا يعني سوى تفسير واحد هو قبولها أو رضاها بما حدث، دون وعي بأن الفوضى إذا استشرت لن تستثنيهم، والذين زينوا لهم المضي في هذا الاتجاه لن يلتفتوا إليهم عندما تحين اللحظة.