محمد حضاض- سبق- جدة: كشف الشاب السعودي محمد صالح العليان لـسبق تفاصيل نجاحه -بعد مشيئة الله- في إنقاذ سيدة سعودية وأطفالها الثلاثة من الموت حرقاً في إحدى الشقق السكنية، التي اشتعلت فيها النار في حي الصفا بجدة مساء أول أمس، وتسبب ذلك في وفاة طفلة رابعة لم تتجاوز الستة أعوام. وقال العليان والذي يعمل ميكانيكياً في شركة سيارات: كنت نائماً في الشقة التي أقطنها في عمارة مقابلة للعمارة المنكوبة، واستيقظت عصراً على أصوات الاستغاثة، وعندما فتحت النافذة فوجئت بالدخان يتصاعد من الشقة المقابلة، وسمعت شيئاً من الصراخ، فهرعت على الفور إلى الشارع، ووجدت بعض الشبان ينتظرون في الشارع، وركضت إلى الشقة مصدر الحريق، وكانت في الطابق الثاني. ويواصل الشاب السعودي ذو الـ 23 عاماً: عندما وصلت إلى الموقع وجدت أحد سكان العمارة يخلي أسرته ويحاول الطرق بيديه على شقة سكنية بالقرب من مصدر الدخان ولكن لم يستجب له أحد، فطلبت منه أن يرافق أسرته إلى الأسفل، وطرقت الباب ولم يجبني أحد، فاضطررت أن أضرب الباب بقدمي بكل ما أوتيت من قوة، ولم أنجح في كسره إلا بعد المحاولة الرابعة، وفوجئت بحجم الدخان الكثيف الذي استقبلني عند الباب، ورغم خوفي من الموت اختناقاً إلا أن ما شجعني للدخول سماعي لصوت استغاثة من الداخل، فاقتحمت المدخل وعندما وصلت الصالة وجدت طفلتين تصرخان من حرارة النار وألسنة اللهب التي اقتربت منهما كثيراً، ودخلت إليهما على الفور وحملتهما إلى الخارج، وعندما نزلت أبلغوني بأن هناك سيدة ما زالت في الأعلى، وعندما وصلت إلى الشقة وجدت زوجها قد وصل إلى الموقع ويحاول إخراجها من الشقة هي ورضيعها وسط دخان هائل يحجب الرؤية بالكامل، ونار تزداد في كل لحظة، وخرجت ولله الحمد. ويضيف: بعدما نزلت الأم المكلومة إلى الشارع وبدأت تفقّد أطفالها اكتشفت أن ابنتها الكبرى ما زالت في الشقة فأخذت في الصراخ والبكاء وعدنا إلى هناك، ومعنا بعض طفايات الحريق التي وصلتنا من سيارات بعض المارة، ولكن عندما بلغنا الموقع، كان الحريق قد اشتعل في الشقة بالكامل في ظرف دقائق بسيطة، وعندما وصلت فرق الدفاع المدني أخمدت النار، ولكن الطفلة فاضت روحها إلى بارئها. محمد العليان الذي يسكن في تلك الشقة منذ عامين برفقة نسيبه وشقيقته، لم يذق طعم النوم منذ الحادثة ويبرر: هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا للحريق أعرفهم جيداً، فقد كانوا دائماً ما يخرجون على النافذة ويتحاورون مع أطفال شقيقتي، ويتبادلون الضحكات والقصص، وكانت براءتهم تطغى على المكان وتنزع الابتسامات، ولذلك ما زلت حزيناً على وفاة إحداهن، والإصابات التي تعرّض لها باقي الأطفال، وأسأل الله أن يشفيهم من إصاباتهم، وأن يعوض أبويهم خيراً. وكانت سبق قد نشرت تفاصيل الحادث أول أمس نقلاً عن المتحدث الإعلامي لإدارة الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، العقيد سعيد سرحان، والذي أوضح أن طفلة تبلغ من العمر ست سنوات مع إخوتها الثلاثة، وأعمارهم خمس سنوات وثلاث سنوات ورضيع، كانوا جميعاً مع والدتهم داخل سكنهم بشقة بحي الصفا، ونشب حريق في مدخل الشقة، ثم قامت تلك الطفلة بإيقاظ أهلها من النوم وإبلاغهم بالحريق. وأضاف: تعذر على الأطفال ووالدتهم الخروج، وبدؤوا بالاستغاثة بالصراخ بحثاً عن طوق نجاة، بينما قامت والدة الأطفال بحماية أبنائها في الغرف الداخلية، والاتصال برب الأسرة لتخبره بنشوب حريق. وفي هذه الأثناء لاحظ أحد الجيران بعمارة مجاورة دخاناً متصاعداً من الشقة؛ فنزل من منزله إلى الشارع، وصعد باتجاه العمارة التي بها الحريق، وتمكن من كسر الباب الخارجي المغلق من الداخل بالمفتاح، ودخل بصعوبة بالغة وسط الدخان الكثيف وألسنة اللهب، وأخرج الأم وثلاثة أطفال بعد أن أصابهم الإعياء والاختناق والحروق. وتابع: في تلك الأثناء كانت الطفلة ذات السنوات الست ملقاة في مدخل الصالة نتيجة الاختناق، ولم يشاهدها أحد بسبب كثافة الأدخنة، وكانت الساعة تقترب من الخامسة وإحدى وعشرين دقيقة من عصر أمس الجمعة، وتم إبلاغ الدفاع المدني، وفي التوقيت نفسه ورد بلاغ لغرفة عمليات الدفاع المدني بمحافظة جدة عن اندلاع حريق في شقة بحي الصفا، وتم على الفور تحريك فرق الإنقاذ والإطفاء وسيارة السلالم والآليات المساندة لموقع الحادث، مع تمرير البلاغ للجهات المعنية، وعند الوصول تبين أن النيران مشتعلة بشقتين في الدورَيْن الثاني والثالث، وأن أربع إصابات (أم وثلاثة أطفال) تم نقلهم إلى المستشفى عن طريق المواطنين. وفور مباشرة فرق الإنقاذ عملها في البحث عن محتجزين في الدورَيْن الثاني والثالث المتأثرَيْن بشكل مباشر من الحريق عُثر على طفلة ملقاة بالصالة متوفاة نتيجة الاختناق والحروق.