×
محافظة المدينة المنورة

عقدت بين الجامعة الإسلامية وجامعة مكاسر الإندونيسية مشاركون في ندوة الوسطية في القرآن يثمنون دعوات المليك لتعزيز الاعتدال

صورة الخبر

من خلال ملتقى الإعلام الإلكتروني الذي نظم في رحاب جامعة الملك فيصل بالأحساء خلال الأسبوع المنصرم، وبتنظيم مباشر من إحدى صحفنا المحلية الإلكترونية، دار الحديث كثيرا من خلال الندوات الثرية والمتنوعة المجدولة في برنامج الملتقى عن التوجه الجديد لوزارة الثقافة والإعلام وقراره الرسمي المتعلق بتغيير مسميات الصحف من المسميات المنسوبة إلى المدن السعودية إلى مسميات عامة لا تنتسب إلى مدينة ما أو منطقة ما من مناطق ومدن المملكة، وهي فكرة وتوجه يتناسبان جدا مع المرحلة والظروف والمعطيات التي تمر بها الحالة العامة سياسيا واجتماعيا في وجهة نظري، وأعني بذلك أنه التوجه المطلوب حاليا، ابتعادا عن حمى اللغة الفردية، ومساوئ تغليب الخصوصيات على الوطن الواحد والمنجزات الجماعية، إذا ما علمنا ووثقنا بأن تصاعد هذه المسميات المنتسبة للمدن والمناطق فيه تكريس وتعميق لحالة التشظي بمفهومه السلبي، وصورته الممقوتة. والواقع أن هذا الطرح وهذه النقاشات وهذا القرار الصادر من الوزارة يستدعي ظاهرة أكبر في أثرها الإعلامي والاجتماعي، ظاهرة تصب في السياق نفسه، وهي أخطر من وجهة نظري لتأثيرها المباشر، إنها ظاهرة المحطات الفضائية المسماة باسم المدن السعودية، والتي ظهر منها العديد في فترة متلاحقة، وإن كان أغلبها لم يتمكن من الصمود، فاضطر أصحابها إلى إغلاقها وتسريح العاملين فيها، ولكن ما ثبت منها وما زال ينتج ويقدم يحمل بالتأكيد ذلك التأثير السلبي غير المعلن، حتى وإن كانت نوايا تأسيس هذه المحطات حسنة ولا تحمل في طياتها غير الخير، ولكن وجود مثل هذه المحطات أخذنا إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد شجّعت وكانت الظاهرة الأكثر ضررا وسلبية. لاحظنا جميعا، كيف أن هذه المحطات الفضائية المناطقية أو المنتسبة إلى المدن ولّدت من رحمها محطات فضائية ذات توجهات قبلية وتوجهات عشائرية وتوجهات أسرية، وهو ما صعد خطاب القبيلة إعلاميا، وأخرج حالة التنافس العشائري من مخبئه إلى فضاء الإعلام، وهو الخطاب الذي سعى المجتمع دائما لدحضه ومحاولة التقليل من جدته، وتذويبه في الهم الواحد والهاجس المشترك، تحت مظلة الوطن الواحد، ولكن هي الأمور يجر بعضها جرا، وظواهرها تنتج ظواهر ربما لم نكن نتخيلها وهذا ما حدث بالفعل! استسهال ظهور تلك المحطات جعلنا في مواجهة مباشرة مع الظاهرة التي لم أكن أتوقعها على المستوى الشخصي على أقل تقدير، وهي محطات الأفراد، فصار لك أن تفاجئنا كفرد من أفراد هذا المجتمع ومع إشراقة الصباح بمحطة فضائية تحمل اسمك تبثها إلى العالم أجمع، وتغذيها بتضخيم الذات، ونفخ المنجز الشخصي، وبصورتك ليل نهار، وهنا تتجسد التداعيات السلبية التي لا نلمس أثرها مباشرة ولكنها تنخر في جسد المجتمع الواحد نخرا خفيا، وتؤكد فكرة التشرذم، وتُعلي من صراخ الخصوصيات على حساب صوت المشترك والهم الموحد. وعطفا على ما سبق: لا شك أن الأمر يتطلب ضبطا ووعيا، حتى لا ينفلت العقد إعلاميا أكثر من انفلاته في الآونة الأخيرة، وهذه القرارات لاشك أنها تصب في المصلحة المشتركة، بالنظر إلى خطورة الإعلام ودوره في تشكيل وصياغة المجتمعات، وقدرته على توجيه الرأي العام وتجييشه، والحقيقة أن المسألة لا تقع على عاتق الوزارة فحسب، بل تقوم على دور أصحاب هذه المحطات الذين نظروا نظرة قاصرة بتأسيسها ودعمها على مبدأ الخصوصية القبلية أو الفردية أو الفئوية، فرهاننا الكبير في ظل هذه الظروف الرجراجة على وحدة الصف لا شتاته وبعثرته!