×
محافظة المنطقة الشرقية

دورة في إطفاء الحرائق والإخلاء بصوامع الغلال بالقصيم

صورة الخبر

تأخر مدروس ذلك الذي أقدمت عليه القيادة السورية بخروج فاروق الشرع من القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وبالتالي الخروج من واجهة المشهد السياسي السوري، وهو خروج يشبه التصفية السياسية السلمية لشخصية بارزة طالما كانت «أفضل السيئين» في نظام البعث السوري. كان متوقعا أن يقدم النظام السوري على خطوة من هذا النوع في يناير 2011 بعد مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة السورية والتي أوصت بضرورة تسليم الرئيس بشار الأسد صلاحياته الكاملة لنائبه فاروق الشرع، والدخول في مرحلة انتقالية، إلا أن النظام لم يتعامل بجدية مع هذه المبادرة ومضى في حله العسكري. حينها لم تكن الصورة الدولية والإقليمية ولا حتى مشهد العمليات العسكرية على الأراض متبلورة بالنسبة للنظام، وبقي يحتفظ بورقة الشرع كحل أخير فيما لو مورست ضغوطات روسية وأمريكية على النظام. كما أن الإقدام على تصفية الشرع سياسيا بهذه الطريقة في تلك اللحظة، سيثير حنق الحلفاء، خصوصا الروس الذين أخذوا لفترة من الزمن في فكرة تولي الشرع للمرحلة الانتقالية، حين تعاظمت الضغوط الدولية واشتد الصراع في أروقة مجلس الأمن، لكن النظام - وكعادته - في سياسة النفس الطويل احتفظ بورقة الشرع. وبعد فشل كل المحاولات السياسية في إيجاد مخرج للأزمة السورية، توارت القوى الدولية عن الأنظار واختبأت وراء «الشرعية» و«فزاعة» الفيتو الروسي، لتترك أطراف الصراع (المعارضة والنظام) في قتال ضار، اللذين كانا يظنان إلى زمن قريب أن أحدا منهما قادر على الحسم العسكري، في هذه الأثناء أيضا كان المشهد ضبابيا أمام النظام وكل الاحتمالات قائمة، بل أن لغة النظام السياسية كانت «تهادنية». ومرة أخرى بقيت ورقة الشرع قائمة إلى حين.. وعندما اكتشف طرفا النزاع - لكل منهما أسبابه - استحالة الحسم، جدد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو فكرة تولي الشرع المرحلة الانتقالية بكامل الصلاحيات وهي ذات المبادرة التي اقترحتها الجامعة العربية في مطلع العام 2012، باعتباره من الشخصيات التوافقية من النظام والمعارضة ولم تتطلخ يديه بالدم السوري. ويبدو أن إصرار الجامعة العربية وتركيا وبعض الأطراف الدولية على أهلية شخصية الشرع للمرحلة الانتقالية، محاولة للإبقاء على أمل الحل السلمي، لكن من يعرف طبيعة النظام السوري الأمني يدرك أنه من الاستحالة أن يقبل بوجود شخصية مدنية سنية تحكم مرحلة انتقالية يخرج فيها القادة الأمنيون والعسكريون من معادلة الحكم. وبعد مرور عامين وثلاثة أشهر على الأزمة السورية دون إحداث تغيير في موازين الصراع على الأرض، ومساندة ميليشيا حزب الله لقوات الأسد، يعتقد النظام بعد التقدم في القصير والتحضير لاقتحام حمص، وسط التغاضي الدولي عما يجري أنه يفرض سيطرة على مناطق واسعة وينتزع مناطق من المعارضة، تزامنا مع مؤتمر جنيف 2، في هذه اللحظة تبدد الضباب وبدا المشهد واضحا أنه لا أمل في مرحلة انتقالية بدون وجود الأسد، ولم تعد ورقة الشرع طوق النجاة، وبالتالي جاء وقت تصفية الحل السياسي الذي يمثله الشرع.. ليقرر النظام إخراجه من أروقة القيادة القطرية، تمهيدا للخروج الكلي من المشهد السياسي.. وإذا اعتبرنا أن الشرع كان عامل التوازن السني في بحر الحكم العلوي.. فإن الأسد قرر تغيير خارطة الحكم في سوريا.. مع تغيير سوريا بالكامل.