أعلنت تونس تمديد العمل بحال الطوارئ ثلاثة اشهر إضافية، وذلك بعد أسبوعين من الهجوم المسلح لذي استهدف بن قردان جنوب البلاد، في سياق تنفذ فيه الوحدات الأمنية التونسية حملة اعتقالات واسعة في مختلف محافظات البلاد اسفر عن اعتقال موالين لتنظيم «داعش». وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان مقتضب امس، إن الرئيس الباجي قائد السبسي قرر بعد مشاورات مع رئيس الوزراء الحبيب الصيد ورئيس المجلس النيابي محمد الناصر تمديد العمل بحال الطوارئ مدة ثلاثة أشهر ابتداء من 23 الجاري. وكانت تونس فرضت «الطوارئ» منذ الهجوم الانتحاري الذي استهدف باصاً للأمن الرئاسي في قلب العاصمة التونسية في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في هجوم دموي تبناه تنظيم «داعش» وأسفر عن مقتل 12 من عناصر الأمن. إلى ذلك، اتخذت وزارة النقل التونسية، بعد ساعات من هجوم بروكسيل امس، «خطة طوارئ عاجلة» في المطارات والموانئ البحرية وكل محطات النقل البري، واجتمع وزير النقل التونسي مع قيادات أمنية عليا لوضع الخطط لمواجهة أي طارئ محتمل. وكانت شركة الخطوط الجوية التونسية ألغت رحلاتها التي كانت متوجهة إلى مطار بروكسيل أمس، بعد التفجير الذي شهدته العاصمة البلجيكية وخلف عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى. وتزامن هذا الإعلان مع قرار وزارة الداخلية التونسية إعادة فتح نقاط العبور مع ليبيا جنوب البلاد والتي تم غلقها بعد هجوم مسلحي «داعش» قبل أسبوعين، وشهدت الحدود التونسية - الليبية عمليات تهريب أسلحة ومقاتلين لتنفيذ هجمات مسلحة في تونس. ويعتبر معبر رأس جدير في منطقة بن قردان (محافظة مدنين جنوب شرق) من أهم المعابر الحدودية في تونس التي تعتمد في حركة نقل الأشخاص والبضائع والسلع التجارية بين البلدين، ويعيش عدد كبير من اهالي المناطق الحدودية على التجارة وتهريب السلع والمحروقات بين تونس وليبيا. ويأتي فتح المعبر بعد أسبوعين من هجوم مجموعة ارهابية مسلحة استهدف ثكنة للجيش التونسي ومديريتين للدرك والأمن في مدينة بن قردان القريبة من الحدود، وتمكنت الوحدات الأمنية والعسكرية من صد الهجوم الذي استخدم خلاله المهاجمون أسلحة رشاشة وسيارات رباعية الدفع وقتلت 49 عنصراً مسلحاً تابعاً لتنظيم «داعش». في السياق نفسه، اعلنت السلطات التونسية تفكيك خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» متورطة في تسفير شبان تونسيين للقتال في صفوف التنظيم في الاراضي الليبية. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان الجمعة إن «الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الارهاب التابعة للحرس الوطني تمكنت من الكشف عن خلية تكفيرية خطيرة تنشط بالعاصمة يتولى عناصرها مساعدة الشبان المغرر بهم على الالتحاق بداعش». وتتكون الخلية التي تم تفكيكها من 12 عنصراً يواجهون تهماً تتعلق بالإرهاب، من بينهم ثلاثة مهربين ساعدوا في تهريب المتورطين في الهجوم الأخير على مدينة بن قردان الى الاراضي الليبية وفق بيان الداخلية التونسية. وتتخوف تونس من تأثير الوضع الليبي في أمنها بخاصة مع احصاءات تشير الى ان مئات الشبان التونسيين ينشطون في صفوف تنظيم «داعش» في ليبيا، وذكرت تقارير رسمية سابقاً ان منفذي هجمات باردو وسوسة وباص الأمن الرئاسي تلقوا تدريبات في معسكرات على الأراضي الليبية. وتشير تقارير دولية إلى أن أكثر من خمسة آلاف تونسي يقاتلون في صفوف الجماعات المسلحة في الخارج غالبيتهم ضمن تنظيم «داعش» في سورية والعراق، فيما يتواجد مئات التونسيين ضمن تنظيمات ليبية مسلحة موالية للتنظيم الإرهابي. على صعيد آخر، اعتبر رئيس «حركة النهضة» التونسية راشد الغنوشي امس، أن الحل الأمني والعسكري غير كاف لمواجهة «الإرهاب» الذي ضرب بلاده مراراً خلال الأشهر الماضية، بل يجب ان يشمل دعم الديموقراطية والنمو. وقال الغنوشي: «اننا ندين الإرهاب بقوة. من المفيد جداً ان نؤكد ان الحل الأمني والعسكري بمفرده لا يكفي بل ربما على المدى القريب والبعيد سيزيد في تعقيد المشكلة»، وذلك في مداخلة خلال منتدى في الدوحة. وأضاف: «يجب ألا يقتصر مجهود مقاومة الإرهاب على المستوى الأمني، بل يجب ان يشمل ذلك المستوى السياسي وذلك في دعم الديموقراطية، والمستوى الاقتصادي في دعم التنمية».