استحوذت مباراة «القمة» بين الهلال والاتحاد على الأرقام القياسية في دوري جميل حتى الآن بعد أن تجاوز حضورها الثلاثين ألف متفرج، ونقلت أحداثها بأفخم وأحدث عربة نقل في منطقة الشرق الأوسط مجهّزة بـ31 كاميرا رصدت كل ما في الملعب وخارجه بدءًا من السيّارة الصغيرة التي حملت الكرة إلى الحكم الدولي الصاعد صالح الهذلول، مرورًا بانفعالات الجماهير في كل زاوية، مع رصد خاص لردّات الفعل الهلالية بعد الفوز التاريخي تحت قيادة المدرب الشاب سامي الجابر والذي قلب الطاولة على منافسه الإسباني بينات وكسب المباراة بخماسية تاريخية ستظل تؤرّق الاتحاديين كلما جاءت سيرة «الكلاسيكو». حصّة اتحادية وأخرى هلالية لا يختلف اثنان على أنّ المباراة كانت حصتين الأولى اتحادية بالأداء والنتيجة، حيث كان تفوق العميد واضحًا من خلال تحركات الثلاثي فهد المولد وجوبسون ومحمد حيدر، لكن الثغرات في الخلف كانت واضحة سواء في الحراسة، حيث كان مبروك زايد غير قادر على متابعة الكرات الهلالية الخطرة جراء الإصابة التي لحقت به من جهة، وغيابه الطويل عن الملاعب من جهة أخرى، وكذلك ضعف الظهير الأيمن منصور شراحيلي، وفي الهجوم كان مختار فلاتة بعيدًا بعض الشيء عن مستواه الذي اعتاد تقديمه، وقد استنزف الثلاثي الفاعل جهده وطاقته في الشوط الأول من المباراة، بينما استسلم في الحصة الثانية أمام تحركات الهلال بقيادة البرازيلي نيفيز الذي كان يمثّل نقطة التحول في أداء وتفوّق الفريق الهلالي، بعيدًا عن التغييرات التي أجراها المدرب سامي الجابر الّتي جاءت بعد أن أمسك فريقه بزمام المباردة ومالت كفّة اللعب لصالحه لتواضع الأداء الاتحادي خلال الربع الأخير من الشوط الثاني وتوقّف فكر مدربه عن العمل ومعالجة الأخطاء التي وقع بها لاعبوه. نقاط هامة من واقع الأداء في أكثر من مباراة خاضها الفريق الاتّحادي منذ مطلع الموسم (كأس السوبر) وبعدها مواجهات الدوري الأربع يمكن القول إنّ فريق النمور لا يعرف التنويع فهو يلعب برتم واحد يقوم على استغلال سرعة فهد المولد ومختار فلاتة لإرباك دفاعات الفرق المقابلة وهي طريقة باتت محفوظة لدى الفرق ومدربيها، فنجاحها أمام الشباب برباعية تاريخية في الجولة الأولى من الدوري ليس دليلاً على رجاحة الإستراتيجية التي يلعب بها الفريق وقوته، بل كانت مؤشر ضعف في الفريق الشبابي الذي خرج من دوري الأبطال الآسيوي وعانى في مواجهاته أمام فرق الدوري، ثم جاءت مباراة الهلال لتكشف حال الاتحاد واعتماده الكلي على الحلول الفردية لبعض اللاعبين والتي لن تجدي في كل المباريات ولا سيما مواجهات الدوري الأطول عمرًا ونفسًا، حيث يرتبط النجاح فيها بالأداء والحلول الجماعية، ومن أهم عناصرها الانضباط التكتيكي، وقدرة المدرب على قراءة المتغيّرات وهو ما نجح فيه الهلال مع سامي الجابر، وأخفق فيه الاتحاد مع بينات في هذه المواجهة عطفًا على انهيار دفاع الفريق الزائر في غضون 11 دقيقة فقط بدا التوتر خلالها واضحًا خاصة على أداء الثنائي شراحيلي وأسامة المولد الذي ربّما كان يمكن أن يتعرّض للطرد بتصرّفه مع مدافع الزعيم، الكوري هوان، حيث استغل الهلاليون تلك الثغرة جيدًا - بين المولد وشراحيلي- وأمطروا مرمى زايد بوابل من الأهداف لم يكن أكثر الهلاليين تفاؤلاً يتوقعه. فهد.. يد واحدة لا تصفّق وإذا كانت روح الشباب والسرعة هي التي تميز الأداء الاتحادي حاليًا وشكّلت تحولاً في مسابقة كأس الأبطال الموسم الماضي، فإنّ هذه الروح لن تخدم الفريق في منافسات الدوري ولن يكون الموهوب فهد المولد هو المنقذ دائمًا فهو له حد أعلى من العطاء وطريقة ستحفظها الفرق واللاعبون وسيعملون على إبطالها، وهنا يجب على المدرب الاتّحادي- وهو في واقع الأمر صاحب رؤية فنية جيدة - أن يفكر في إستراتيجية أداء يسير عليها الفريق طيلة الموسم تستثمر فيها عوامل التفوّق المتمثلة في الرباعي المولد، فلاتة، حيدر، قاسم، مع لاعبي الخبرة بقيادة سعود كريري، ويتعيّن عليه توزيع الجهد على شوطي المباراة، فالطريقة الحالية لن تقود الفريق إلى قمة الدوري، وخسارة 6 نقاط من 4 مباريات دليل كاف على أنّ هناك خللاً في التخطيط والأداء.