ما أصعب أن تختنق الكلمة في حلق القلم ..تقف حائرا وأنت تستمطر الحروف وكلما لاح بارق يماني ترقب المزن خلفه ولاتجد إلا اليباب والفراغ..ما أصعب أن تكون رهين لحظة حارقة قد تلد الأمل وقد تصفعك بالألم تلو الألم..صعبة هي الحروف الواقفة على شفاه الترقب ..وأليمة هي الأحلام المنتظرة فجرها وقد تباطأ ميلاده..حينها ترفق بالقلم ولا تحمله ما لا قبل له به ..حاول أن تفتح له نافذة أخرى لبارق آخر تزفه جهة أخرى فلربما جاء بالبشر وبالقطر الذي حرك شجن الكلمة فتتنفس لتبلل مدامع الحبر بياض الصفحات ..حينها ستدرك أي قيمة هي الكلمة ..بل أي بلسم للقلوب ..فتنفسها قد يطرد الضجر أو يورق بالشجر أو ينشر عبير الزهر أو يستلين الصخرا.. أو يهيج البحرا.. أو يجدد صبرا.. وقد يمنع قهرا وقد يقرب ظفرا.. وحينها أيضا ستدرك أي ضياع يعيشه من يروي مداد قلمه بالأذى ويحجب بريق عين كلمته بالقذى فلا ترى إلا المثالب ولا تتغذى إلا بالمعايب ..حين ذاك ستدرك أن اختناق الكلمة وإن تأخر خير من المداد الذي ارتوى بالشر وجاهر..حينها فقط ستولد المقالة!!