يَهِلُّون بالبَيْدَاءِ لَبَيْكَ رَبَّنَا لكَ المُلْكُ والحَمْدُ الذي أنْتَ تَعْلَمُ دعاهُمْ فلبّوهُ رِضًا ومَحَبَّةً فلمَّا دَعَوهُ كان أقربَ منهمُ وَقدْ فارَقوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً ولم يُثنِهِمْ لذَّاتُهُمْ والتَّنَعُّمُ يَسِيرونَ مِن أقطارِها وفِجاجِها رِجالا ورُكْبانا ولله أسْلمُوا عوداً إلى الرائعة الميمية للشيخ العلامة ابن القيم الجوزية والتي لم يسعني الحديث عن تفاصيلها في مقال الأسبوع الماضي، ففضَّلتُ أن أُفرد الحديث لاحقا عن «صحبة الحج»، حيث التقيت برفقة خير لم أعرفهن سوى لأيام فشعرتُ وكأنني عرفتهن منذ سنواتٍ لا عدَّ لها ولا حصر برغم بُعد المسافات بيننا، وتعدد الجنسيات وتفاوت الاهتمامات، ولم يجمعنا سوى تحقيق معنى العبودية الحقَّة في شهادة «أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله» وأداء ركن من أركان هذا الدين العظيم، ولعل في أبيات أمير الشعراء ما يُغني عن آلاف الكلمات حين قال: لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُمْ لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ أَرى الناسَ أَصنافًا وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ إِلَيكَ انتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ نعم.. قدَّر الله لي بفضله ومنته أن أجتمع بالأخوات الحبيبات: دولت المجالي المستشارة والمحامية الرائعة أردنية الجذور شمالية الهوى من الجوف، ومن نجد كانت معنا اللطيفة أم فراس وجميلاتها الثلاث الحريصات كل الحرص على أداء شعائرهن آرام وروان وبسمة، وأم سلطان الوجه البشوش من الرياض أيضاً، ومن جدة الخالة أم رشدي باسمة المُحيَّا وبناتها الودودات حياة وإلهام ووردة وحفيدتها الخجول جود، أما الخالة المتأنقة أم خالد من أشراف مكة، وذات الروح المرحة أم ريان وابنتها الحسناء أفنان، والهادئة أم عزام فمن أرض مكة الطاهرة، ومن الزلفي التقينا الشابة البهيَّة مزنة، والزوجة المُحبَّة سميَّة من أبها، وكل مَنْ ذكرت أتين من مختلف المناطق في ربوع بلادي الجميلة، ومن خليجنا العربي الذي يسكن قلبي كونه «شرقي الهوى» كانت لنا صحبة جميلة مع الرائعة ديناً وخُلُقاً المعطاءة هيا من قطر، والداعية «ليلى» التي تُجبرك على الاشتياق لها بخُلُقٍ حَسَن ومنطقٍ أحسن، ونسيبتها الكريمة التي طيَّبتنا بأزكى أصناف الجمال بمجالستها «أم محمد» وربيعاتها المفعمات بالجمال قلبا وقالبا برغم براقعهن التي تخفي مساحة كبيرة من وجوههن ولكنها تُظهر حجم أصالتهن بحق- ولعلي أذكر منهن لموقفٍ ما- أم عتيق أو «عفراء» تلك الروح الشابَّة التي لن تشيخ أبدا والتي أقسم زوجها المُحِب أنه لن يُبدلها بغيرها ولو أُعطي مائتي مليون، ومن سوريا- فرَّج الله كربتهم- تشرفنا بصحبة الغالية هادئة الملامح طيبة الحديث إحسان أو أم فيصل كما كنا نناديها والحمد لله عادت كما عاد الجميع إلى ديارهم سالمين غانمين بحجٍ مبرور وذنبٍ مغفور وعمل متقبَّلٍ مبرور. كلهنَّ أخوات لم أعرفهن قبلاً، ولم أرهنَّ إلا لِمَاماً، ولكنني أحببتهن في الله، وأودعن في قلبي وفي قلب جدتي الحنون بصمةً وأثراً لا يُنسى، فعند الله الذي لا تضيع ودائعه أستودعهن لا حُرمت صحبتهن في الجنة ((إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ)) سورة الحجر-47 يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُودُ وأرْحَمُ فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ وأعْطيْتُهُمْ ما أمَّلوهُ وأنْعمُ فبُشراكُمُ يا أهلَ ذا المَوقفِ الذِي به يَغفرُ اللهُ الذنوبَ ويَرحمُ فكمْ مِن عتيقٍ فيه كَمَّلَ عِتقهُ وآخرَ يسْتسعى وربُّكَ أرْحَمُ قبل الوداع: سألتني وصيَّةً لا تَمَلِّين تكرارها؟ فقلت: أقول لمن منحه الله فرصة أن يكون ملاذاً لغيره، ومُعيناً لهم على قضاء حوائجهم وإتمام أمورهم: اكتفِ بالتلميح دون التصريح، وابذل من الخير ما تستطيع، ولا يغُرنَّك الشيطان بالمماطلة والتسويف، فصاحب الحاجة مسكين، والحُرُّ تكفيه الإشارة، والراحمون يرحمهم الرحمن، ولعلي يوما ما تُتاح لي فرصة أكبر لتناول مثل هذا الموضوع بإسهاب أكثر. وَكُنْ عَلى الدَّهْرِ مِعْوَاناً لِذِيْ أَمَلٍ يَرجُو نََدَاكَ فَإنَّ الحُرَّ مِعْوَانُ