أطلقت الحكومة الإسرائيلية، حملة دبلوماسية واسعة في الولايات المتحدة وأوروبا، ضد توقيع الاتفاق النووي الذي يتبلور بين دول الغرب الكبرى وإيران، بدعوى أنه اتفاق سيئ. وعاد وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ليهدد بضرب إيران قائلا: «يجب أن تتخذ حكومة إسرائيل قريبا قرارا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني». وقال إن هذا القرار يجب أن تتخذه الحكومة وحدها، باعتبارها المسؤولة الوحيدة على أمن مواطني الدولة. ورأى ليبرمان، في مقابلة إذاعية صباح أمس، أنه إذا أكملت طهران مشروعها النووي فإن دولا أخرى، منها دول عربية وخليجية، ستنضم أيضا إلى ما وصفه بالسباق النووي المجنون، مثل السعودية ومصر وتركيا. «وهذا سيجعل الوضع مستحيلا لإسرائيل». وتوجه وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارية في الحكومة الإسرائيلية، دكتور يوفال شتاينتس، إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما مباشرة يدعوه إلى «الالتزام بموقفه السابق القائل إنه يفضّل عدم التوصل إلى صفقة مع إيران حول برنامجها النووي وليس توقيع صفقة سيئة معها». وكتب شتاينتس، مقالا لصحيفة «نيويورك تايمز» قال فيه إن عدم التوصل إلى اتفاق مع إيران لن يكون بمثابة فشل بل سيفسح المجال أمام زيادة الضغط الدولي على طهران مما قد يمهِّد مستقبلا لصفقة أفضل معها. ورأى الوزير شتاينتس في مقاله إن إيران غيرت بالفعل خطابها وأبدت بعض المرونة في عدة قضايا هامشية لكنها لم تقدِّم أي تنازلات جدية. وأضاف أن إسرائيل تخشى أن تؤثر الحملة الجارية ضد تنظيم داعش سلبا على الكفاح الحيوي ضد البرنامج النووي الإيراني. وذكر مسؤولون إسرائيليون أن جولة المحادثات الأخيرة بين الدول العظمى (5 + 1) وإيران، حول البرنامج النووي الإيراني، التي جرت في فيينا، صعّدت قلق إسرائيل من أن الجانبين أصبحا قريبين من اتفاق لا يستجيب لمطالبها بحلول موعد انتهاء المحادثات، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقال مسؤول رفيع المستوى وضالع في متابعة المفاوضات بين إيران والدول العظمى إن «إسرائيل تتخوف من تحقيق صفقة لا تستجيب لمعظم مطالبها ومخاوفها حتى موعد انتهاء المفاوضات». كما أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عبر عن انعدام رضا إسرائيل من تقدم المحادثات في فيينا، وقال: «إننا نقف أمام خطر التوصل إلى اتفاق الدول العظمى، بحيث سيجعل إيران على وشك أن تصبح دولة نووية، وبحوزتها آلاف من أجهزة الطرد المركزي التي ستتمكن بواسطتها من إنتاج مادة لقنبلة نووية خلال فترة قصيرة». وأضاف نتنياهو أن «هذا تهديد على العالم كله وعلينا قبل أي أحد آخر. وهذا التهديد أخطر بكثير من تهديد (داعش)». من جانبه، قال المسؤول الإسرائيلي إنه على الرغم من التقارب بين مواقف إيران والدول العظمى، فإن «الفجوات بين الجانبين ما زالت كبيرة». وأضاف أن «التخوف الإسرائيلي يتزايد بسبب الشعور بأنه خلال المحاولة لتحقيق تقدم ومنع فشل مندوبي الدول العظمى، يجري طرح (حلول خلاقة) لا يتوقع أن تخفض عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الموجودة بحوزة إيران». وتابع: «الدول العظمة تعي هذه الخطوط الحمراء وهي ببساطة تحاول اللعب بداخلها وإيجاد حلول خلاقة لا تكسر الخطوط الحمراء. وليس مؤكدا التوصل إلى اتفاق حتى 24 نوفمبر المقبل، وثمة احتمال كبير لتمديد المحادثات في نهاية الأمر لعدة شهور من أجل منع تفجير المحادثات. لكن في الوضع الحالي، إذا جرى التوصل لاتفاق فإن معنى ذلك هو أن الدول العظمى استسلمت للإملاءات الإيرانية». وتابع: «خلال الأشهر الأخيرة من المفاوضات طرأ تراجع في مواقف الدول العظمى بكل ما يتعلق بعدد أجهزة الطرد المركزي التي سيكون بإمكان إيران إبقاؤها بحوزتها في اتفاق دائم». وبحسب المسؤول الإسرائيلي الرفيع، فإن الدول العظمى وافقت في البداية على بقاء 500 جهاز طرد مركزي بحوزة إيران، ثم وافقت على 2000 والآن هي توافق على بقاء 5000 جهاز طرد مركزي بحوزة إيران. وفي مقابل ذلك لم يلين الإيرانيون موقفهم حيال أجهزة الطرد المركزي ويطالبون بالحفاظ على 9 آلاف جهاز نشط و10 آلاف جهاز غير نشط. يذكر أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا تطلع إسرائيل بصورة متواصلة على المحادثات والاتصالات الجارية مع إيران، ويتوقع أن يزور وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس، الخميس المقبل، لندن لبحث هذه القضية. وبحسب المسؤول الإسرائيلي فإن أي اتفاق بين إيران والدول العظمى «سيتراوح ما بين اتفاق سيئ واتفاق سيئ جدا» ورغم ذلك «نشعر أننا ننجح في التأثير على مواقف الدول العظمى. ولا نتوقع أن نحصل على كل مطالبنا، لكننا نأمل بإنجازات محدودة تجعل الاتفاق أكثر ما يمكن أقل سوءا».