رغم ثرائه في زمنه إلا أنه كان وحيداً تتملكه مشاعر البؤس ، لم يتزوج مطلقاً!! فقد كان جل اهتمامه منصباً في جهود السلام والحد من تجييش الشعوب ، عانى من عقدة الذنب في آخر عمره جراء تحول اختراعه السلمي إلي سلاح فتاك بأيدي شركات تصنيع القنابل والصواريخ في العالم ، وهو الأمر الذي لم يكن يخطط له أو يتوقعه مطلقاً طيلة الفترة التي عكف خلالها لتصنيع مادته المتفجرة الأكثر شهرة في العالم .. مادة الديناميت. كان يأمل أن تساعد هذه المادة في أعمال الحفر وتفتيت الصخور ، لكن شركات تصنيع الأسلحة تلقفت هذا المنتج وراحت تنتج كميات كبيرة من القنابل المتفجرة التي ازدهرت نتيجة لاشتعال الحروب في بقاع عدة من أوروبا ذلك الحين ، أمر جعله يعض أصابع الندم كثيراً ، غير أن أكثر ما زاد من وطأة هذا الشعور ، أنه في ذات مساء توفي أخوه فظنت الصحافة الأوروبية أن الميت هو لتشابه الأسماء ، فتحولت معظم عناوين الصحف في صباح اليوم التالي سيما الفرنسية إلي مانشيتات تنعيه ، لكن بعبارات قاسية من مثل ( تاجر الموت ميت ) أو ( مات الذي بنى ثروته من الموت ) وغيرها من العناوين الصادمة التي تركت أكبر الأثر في نفسه ، فقد رأى بأم عينه الشكل والأسلوب الذي بهما سيتذكره العالم ، وراح يتساءل .. هل لو مت بالفعل سأصبح رمزاً للقتل والدمار والموت ؟ عندها ودونما أن يخبر أحداً من عائلته قرر أن يصرف كامل ثروته لتأسيس جائزة تعنى بالسلام ، فاختار النادي السويدي النرويجي في باريس عام ( 1888م) ليكون الراعي الرسمي لهذه الجائزة والضامن المؤسسي لاستمراريتها بعد وفاته . وها نحن اليوم وبعد أكثر من قرن وربع على ذكرى ولادته بتاريخ ( 21 / أكتوبر/ 1833م ) .. لم يزل العالم يردد اسمه رغم مضي كل هذه العقود ، إنه ألفرد نوبل مخترع مادة الديناميت .. ينبوع ثرائه الضخم.. وجرح ضميره النازف ،وسبب إيداع كامل أمواله التي ذكر المؤرخون أنها تجاوزت المليون جنيهاً استرلينياً في خزينة الجائزة قبل أن يغمض إغماضته الأخيرة عام 1896م ، سلم أمواله لهم ورحل .. ولم يعلم أنها في عام 2014م ستربو عن نصف مليار دولار ، وأن جائزته مع نهاية عامنا هذا تكون قد منحت بمقدار 570 مرة ، وأنها رغم كثرتها وطول أمدها وتهافت العالم على حصدها لم تكن كافية لإسكات القنابل المدمرة في العالم حتى هذه الساعة ، لعله نسي حينما ترك للعالم ثروته وجائزته .. أنه قد ترك أيضاً بجوارها أصابع الديناميت.