كان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن يردد في كثير من المناسبات سؤالاً وهو "لماذا يكرهوننا؟" في إشارة غير مباشرة إلى العرب والمسلمين، وكانت إجابته التقليدية هي أنهم يكرهوننا لأن قيمنا الديمقراطية ومبادئ الحرية والعدالة لدينا لا تنسجم مع قيمهم ومبادئهم، وهي إجابة جد ساذجة فضلاً عن كونها خاطئة ومضللة، كما أن فرضية السؤال هي في حد ذاتها مغلوطة فنحن بالتأكيد لا نكرههم ولا نرفض قيم الحرية والعدالة والديمقراطية لديهم، وإن كنا نكره بعض ممارساتهم وسياساتهم ونرفض ازدواجية المعايير في القيم والمفاهيم لديهم. تذكرت تساؤلات الرئيس بوش عندما حدثني صديقي عن لماذا يسيء الأمريكان فهمنا نحن العرب وبصفة خاصة المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان التي لم تكتوِ بلهيب ما يسمى بالربيع العربي، وأحبذ أن أطلق عليه اسم سنوات الاضطراب العربي، وهذه الدول في مجملها هي التي تتميز بنظام حكم ملكي.. قال صديقي الأمريكي الضليع في الشئون العربية، إنه يعزو السبب إلى قصور العرب في إيصال صوتهم إلى الغرب وضعف رسالتهم الإعلامية وعدم قدرتهم على مخاطبة الغرب بلغته ومفاهيمه ومنطقه. قلت نعم، كل هذا صحيح، ولكنني أضيف إليه عاملين مهمين، أولهما أن أمريكا بلد حديث لا يتجاوز تاريخه السياسي المعاصر قرنين ونصف القرن، وأنها قامت على فكرة الثورة ضد بريطانيا الملكية، وعلى رفض التركيبة الطبقية والإقطاعية للحكم الإنجليزي، ولذلك نشأت أمريكا على مفاهيم شعبوية وألغت من قاموسها ومن حياتها أي اعتبار للفروقات بين الطبقات، وبناء عليه فإن أمريكا لا تستطيع أن تفهم كنه الشرعية التاريخية التي يتمتع بها الحكم الملكي في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية حيث تمتد هذه الشرعية لقرون تتجاوز عمر الولايات المتحدة. العامل الثاني هو أن دراسات الشرق الأوسط في الجامعات ومراكز الأبحاث وكواليس صنع القرار في الولايات المتحدة قد تأثرت كثيراً بالباحثين والدارسين والأساتذة من ذوي الأصول العربية ومعظمهم من مصر وسوريا ولبنان وغيرها من البلاد التي كانت في الخمسينات والستينات وحتى إلى وقت قريب تكاد تكون المصدر الوحيد لهؤلاء "الخبراء"، وكثير منهم كان متأثراً بالفكر الثوري العربي وبمفاهيم النضال ضد الاستعمار الغربي وما يربطونه به من دول التقت مصالحها مع مصالح الغرب في بعض الأحيان، فضلاً عن أن بعض هؤلاء "الخبراء" كانوا يعتبرون أبناء الجزيرة العربية أقل علماً وثقافة بل أن بعضهم يبدي دهشة فوقية إذا ما أعجبهم أحد من أبناء الجزيرة وعندئذ يصفونه بالاستثناء وهو ذم أشبه بالمدح. إن ادراك هذه العوامل هو خطوة هامة وضرورية نحو إدراك أن هناك فجوة فهم حقيقية بيننا وبين الأمريكان، وأن مسئولية التعامل مع هذه الفجوة عن طريق الحوار والتواصل تقع على عاتقنا بالدرجة الأولى لأننا معنيون بأن يعرف أصدقاؤنا في الغرب أننا لا نكرههم وأننا نطالبهم بأن يتفهموا تراثنا وثقافتنا وهويتنا التاريخية. للتواصل : afcar2005@yahoo.com afcar2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain