×
محافظة المنطقة الشرقية

(إيمان البُغا و «التعليم العالي»)

صورة الخبر

ألا ترون معي أننا أصبحنا نطرق أبوابا لم نكن نعرفها في السابق ؟ أقصد بذلك رواج ممارسة عروض التفسيط في كل شييء. رسوم المدارس، أقساط السيارات، علاج الأسنان، قصور الحفلات، الاستراحات، السفر إلى الخارج، وتطول القائمة. ظاهرة التقسيط جديدة على مجتمعنا.. وكان الفلاح يستدين لتعمير أرض والانتفاع بمحصولها.. أو لتعمير منزل أو تزويج أبناء. وسمعتُ عن شخص اشترى نوعاً من السيارات مزوّداً بكل أسباب الترف ودالاً على السمة الاجتماعية التي تتمتع بها الأسرة.. ولكن بالتقسيط رغم أن مصدره المالي لم يكن ليغطي الأقساط المحددة.. فاستدارت الشركة نحو الكفيل وبدأ إشغال الجهات الحكومية في نزاعات لم تكن موجودة لولا وجود عادة التقسيط. لو كان صاحبنا هذا في أزمة إعاشة أو سكن أو مرض لكان المسوغ واضحاً.. وربما كان التقسيط واحداً من المخارج للأزمة.. لكن الأمر يتعلق بشراء سيارة فخمة فهو إذاً يربط نفسه بعجلة عنيفة الدوران، سريعة الحركة، من وجهة النظر العملية كيف ستكون عليه الحال في السنوات الخمس القادمة خصوصاً لدى المقبلين على حياة عملية جديدة. ولا أعتقد بوجوب إيجاد ضغط تشريعي يداوي هذه الحالة المستشرية لتحديد أو تقنين ممارسة الشراء بالتقسيط، ويجب على المجتمع أن يتمتع بوعي استهلاكي موهوب وحاذق وماهر لأن هذا هو الدليل على تقدم أي أمة. يجب أن نصل إلى مرحلة لا نعتمد بها كلية على التشريعات والتنظيمات التي يجب أن تصدرها الحكومة بين وقت وآخر.. فالجهات الرسمية ليست دائماً متفرغة لفحص عادات الناس وليست أيضاً دائماً المسؤولة عن تقويم ما هو صالح استهلاكياً وما هو غير صالح.. ومتى ما وصلنا إلى هذه المرحلة فإننا سنوفّر على أنفسنا وعلى الدولة مشقة التخبط عبر أنظمة ينفد القليل منها ويترك الكثير. هناك إفرازات غير مستحبة تلوح الآن وربما ظهرت جليّة بعد فترة من الزمن. ولا شك أن وجود شركات التقسيط ذو فائدة وسط كثرة الاحتياجات وغلاء الاسعار ولكن المجتمع بتقبّله كل الإملاءات قد حرفها عن هدفها الاساسي وشجع الجشع والطمع.. قد يحتاج المرء الى بناء منزل وليس لديه مال كاف، فقد يجد من يمنحه مبلغا بالتقسيط فيستفيد ويُفيد. ولكن جشع اصحاب شركات التقسيط. ومظاهر المجتمع جعلا الجميع يتجه للتقسيط .. ثم ينتج عنه ديون .. والديون تجر الى ديون وقد يدخل فيها التعامل غير الشرعي من خلال بعض الشركات أو البنوك .. فيكون وبالاً على المجتمع. ويعجبني مثل إنجليزي يقول: IF YOU CAN`T AFFORD IT YOU DON`T NEEDIT أي: لا تحتاج الشيء الذي لا تستطيع دفع ثمنه. والنفس راغبة إذا رغّبتها وإذا تُردّ إلى قليل تَقنعُ