×
محافظة حائل

مستشفى الملك خالد بحائل يحصل على شهادة الاعتماد الدولي

صورة الخبر

لحقت لوكسمبورج بقطار البلدان غير الإسلامية التي تصدر صكوكا وفقا للشريعة الإسلامية. وبعد بريطانيا وهونج كونج وجنوب إفريقيا وجدت لوكسمبورج في بيع الصكوك الإسلامية فائدة اقتصادية لها، ووفقا للبيانات المتاحة فإن المبيعات بلغت 200 مليون دولار أمريكي. وسارت جنوب إفريقيا أيضا في الاتجاه ذاته، وطرحت اكتتابا على صكوك إسلامية بقيمة 500 مليون دولار وكانت المفاجأة أن الطلب فاق بأربع مرات الاكتتاب المطروح وبلغ 2.2 مليار دولار، بينما باعت هونج كونج ما قيمته مليار دولار من الصكوك الإسلامية ليبلغ معدل الطلب عليها 4.7 أضعاف العرض. وكانت بريطانيا أول بلد غير إسلامي يصدر صكوكا إسلامية، حيث جرى الاكتتاب على ما قيمته 200 مليون استرليني، ووجدت تلك الصكوك أيضا إقبالا فاق التوقعات من قبل مستثمرين من المملكة المتحدة والشرق الأوسط وآسيا وبلغ إجمالي الطلب 2.3 مليار استرليني أي 10 أضعاف مبيعات الاكتتاب. فما السر وراء نجاح تجربة البلدان غير الإسلامية في إصدار صكوك إسلامية؟ حيث يعتبر البعض أن هناك مجموعة من العوامل وراء إقدام اقتصادات بلدان غير إسلامية على خوض غمار تلك التجربة. يقول سيمون توب المحلل المالي في بنك "إتش إس بي سي" لـ "الاقتصادية"، إن أعداد المسلمين في أوروبا في تزايد، وأوضاعهم الاقتصادية في تحسن، والمشاعر الدينية لديهم قوية مما يدفعهم للرغبة في الاستثمار وفقا لقواعد الشريعة، وعلى أي نظام اقتصادي الاستفادة من ذلك بتلبية احتياجاتهم، لكن العامل الأساسي في نجاح تجربة الصكوك الإسلامية في البلدان غير الإسلامية، هو ثقة العالم الإسلامي في القوى الاقتصادية للبلدان الغربية، ومن ثم فإن مشتري تلك الصكوك يدركون تماماً أن البلدان المصدرة لها تتمتع بالمصداقية الاقتصادية للإيفاء بتعهداتها. ويتفق مع هذا الرأي جون ويل الاستشاري في وزارة المالية البريطانية ويضيف أن لندن أحد المراكز المالية الرئيسية في العالم، وإصدار الصكوك الإسلامية يرمي إلى المحافظة على موقعها المتميز في عالم التمويل الإسلامي، وهذا جزء من خطة طويلة الأمد حتى تصبح جزءا رئيسيا من النظام المالي للعالم الإسلامي. وأشار ويل إلى أننا لا نزال في بداية الطريق وما نسعى إليه حاليا أن تكون "الصكوك الإسلامية" مغرية وأن يتشجع القطاع الخاص في المملكة المتحدة في المضي قدما في هذا الاتجاه. وللقطاع الخاص في المملكة المتحدة قصة مع الصكوك الإسلامية لا تبدو قوية حتى الآن، ففي عام 2007 أصدرت سلسلة المحال التجارية الشهيرة "تيسكو" وعبر فرعها الماليزي "أوكدو" صكوكا إسلامية لاقتراض ما قيمته 10 ملايين استرليني وفقا للشريعة الإسلامية. وعلى الرغم من إعراب عدد من كبريات الشركات العقارية البريطانية عن رغبتها في الاقتراض وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية، فإنه باستثناء شركة صغيرة في مدينة يوركشاير متخصصة في الاختراعات، فإن القطاع الخاص البريطاني لم يقدم على اتخاذ خطوات ملحوظة على الاقتراض وفقا لتلك الآلية. وأوضح ميك تومسون الخبير المالي والاستشاري لمجموعة من المصارف الإسلامية في لندن لـ "الاقتصادية"، أنه إذا نظرنا إلى الصكوك التي أصدرتها لندن ومدتها الزمنية 5 أعوام فإنها تقدم عائدا سنويا 2.036 في المائة وهو ما يوازي العائد السنوي لسندات الحكومة البريطانية ذات العائد الجاري لخمس سنوات، وهنا تكمن المشكلة فتحول الشركات أو الأشخاص من نظام تمويلي أو استثماري إلى آخر لا بد أن يوجد ما يحفزهم إليه، وهذا لم يحدث بعد بالنسبة للصكوك البريطانية أو صكوك هونج كونج أو جنوب إفريقيا. وأضاف أن أغلب المستثمرين هم من المسلمين في بريطانيا وبالطبع سكان الشرق الأوسط وبلدان آسيوية وهؤلاء تحركهم عوامل عقائدية للقيام بهذا النوع من الاستثمار. ويعتقد تومسون أن سوق الصكوك الإسلامية ضخم للغاية، ولكن إذا أريد له أن يخرج من عباءة أن أغلب "المشترين" من المسلمين(60 في المائة من مشترى الصكوك الإسلامية التي أصدرتها لوكسمبورج مسلمون من الشرق الأوسط) وأن يصبح نظام تمويل للجميع فإن عليه أن يقدم حوافز أكبر مما يقدمه النظام التمويلي التقليدي. وتؤكد الدكتورة ناتاشا درو أستاذة النقود والمصارف في جامعة كنت، أن الاقتصادات الكبرى في أوروبا وباستثناء بريطانيا التي تربطها مع النظام التمويلي في الشرق الأوسط وتحديدا منطقة الخليج العربي علاقات قوية، لا تبدو مستعدا كثيرا للمضي قدماً "بجراءة" تجاه الصكوك الإسلامية. وأضافت لـ "الاقتصادية"، أن اقتصادات أوروبا الشرقية ربما يكون لديها المحفزات الاقتصادية للدخول إلى هذه السوق، ولكن البنية الاقتصادية لديها غير ملائمة بعد مقارنة بلندن أو باريس أو لكسمبورج مثلا، كما أن العلاقات الاقتصادية مع الشرق الأوسط لا تبدو قوية وكافية، ولذلك فهناك حاجة إلى قيام المصارف الإسلامية باستشراف الإمكانية الاقتصادية وشن حملات دعائية ترويجية قوية في تلك البلدان لتعريف غير المسلمين بالفوائد الاقتصادية للصكوك الإسلامية. ومع هذا فإن البعض ورغم إقراره بأن الأفق لا يزال مليئا بالصعوبات التي تواجه إصدار بلدان غير إسلامية لصكوك شرعية، يؤكد أن ما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية يعكس نجاحات ملحوظة في نهاية المطاف. وأشار سلطان تشودري من بنك ستاندر تشارترد وهو أحد المصارف التي اختيرت من قبل وزارة المالية البريطانية لبيع الصكوك الإسلامية لـ "الاقتصادية"، إلى أن النجاح الأول أنه بعد أن كانت تلك الصكوك نظاما تمويليا حصريا على البلدان الإسلامية مثل ماليزيا وبلدان الخليج العربي، فإنها تكسب أرضية خارج مناطق إصدارها التقليدية. والآن يطرح في أسواق المال نظام تمويلي مخالف للأنظمة التقليدية. وأضاف تشودري أن إصدار بريطانيا بما لها من ثقل في أسواق المال العالمية ولكسمبورج وجنوب إفريقيا وهونج كونج وجولدن ساش صكوكا إسلامية يعطي هذه الأوراق المالية ثقلا كبيرا، ويعطي المصارف الإسلامية التي تحتفظ بتلك الصكوك ثقلا ماليا أكبر، إذ ستكون قادرة على تعزيز الاحتياجات الرأسمالية للمصرف عبر زيادة السيولة لديه. ويقدر الخبراء إجمالي قيمة صناعة التمويل الإسلامي عبر العالم بنحو 21 ترليون دولار، ويفتح هذا الرقم شهية العديد من المؤسسات الاقتصادية والبلدان الغربية للحصول على جزء من هذه الكعكة، وخاصة مع قناعة بعض الحكومات الغربية وتحديدا البريطانية بأن النجاح في دمج صناعة التمويل الإسلامي ضمن المنظومة الرأسمالية التقليدية سيفتح آفاقا أوسع للاستثمارات القادمة من البلدان الإسلامية وخاصة منطقة الخليج العربي. وتعتقد العديد من بيوت المال الأوروبية أن ثلاث دول إسلامية تلعب حاليا دورا كبيرا في مجال التمويل الإسلامي، وهي ماليزيا والسعودية وإيران، ويستبعد الخبراء أن يكون لإيران دورا في هذا المجال في الوقت الراهن على الأقل في ظل عدم قدرة نظامها المصرفي على مواكبة التطورات العالمية جراء عقود من العقوبات الدولية، ويرشح المختصون كولالمبور والرياض باعتبارهما المركزين اللذين يمكن الارتباط بهما إذا ما أراد النظام الاقتصادي الغربي وتحديدا المصرفي الاستفادة من صناعة التمويل الإسلامي. ويقول تشارلز لستر الاستشاري المالي في بنك لويدز لـ "الاقتصادية"، إن هناك العديد من المراكز المالية في العالم الإسلامي فهناك البحرين ودبي وهما مراكز مالية مهمة، لكن عندما تتحدث عن "المغناطيس" والمحرك الأساسي لمستقبل الاقتصاد الإسلامي وفي مقدمته الصكوك الإسلامية فإن الرياض هي المركز الأساسي، مضيفاً أن السعودية في مجال الاقتصاد الإسلامي توازي لندن بالنسبة للمنظومة الاقتصادية الغربية، ولهذا السبب تسعى دائما المصارف الغربية إلى تعزيز الشراكة المالية مع المصارف السعودية. وترجح بعض المراكز البحثية الغربية أن تصل أصول المصارف الإسلامية عبر العالم إلى 3.4 ترليون دولار بحلول عام 2018، وتؤكد تلك المراكز أن قدرات المصارف الإسلامية أعلى من ذلك بكثير إذا أخذنا في الاعتبار أن العديد من المسلمين في العالم ليس لديهم حسابات مصرفية سواء في مصارف إسلامية أوغيرها. ويبلغ تقدير تلك المؤسسات البحثية لإجمالي قيمة الصكوك الإسلامية التي بيعت هذا العام حول العالم بـ 32 مليار دولار، بينما يعد عام 2012 هو العام القياسي الذي حققت فيه مبيعات الصكوك أرقاما قياسية بلغت 44 مليار دولار. ويصل إجمالي تلك الصكوك هذا العام بنحو 90 مليار دولار بنسبة نمو 17.2 في المائة مقارنة بالعام الماضي. ويرجح بعض الخبراء أن دخول المصارف الأمريكية على خط إصدار الصكوك الإسلامية سيعني تغييرا نوعيا في المشهد الحالي، ويراهن البعض على أن مرونة القوانين الأمريكية في المجال المالي مقارنة بأوروبا يمكن أن يجعل من نيويورك مركزا أساسيا ينافس لندن في هذا المجال خلال السنوات المقبلة. وشهدت الولايات المتحدة قبل ثلاثة أعوام تجربة أولية لبيع ما قيمته 166 مليون دولار من الصكوك الإسلامية، كما أن النمو الملحوظ لسوق قروض الرهن العقاري الإسلامية في أمريكا قد يفتح شهية الدوائر الاقتصادية في واشنطن لاقتناص جزء من سوق الصكوك الإسلامية الذي ينمو بمعدل 15 في المائة سنويا في المتوسط.