حين بدأ التحالف الحالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هجماته على دولة خلافة البغدادي كانت الأراضي السورية وتمدد هجمات التحالف اليها لا تزال محل جدل، حتى اثبت الدواعش انهم قادرون- بسبب عدم مركزية قيادتهم- على التمدد في سوريا إذا كانت ارض العراق مساحة مفتوحة لضربات التحالف، فكانت معركة كوباني الشرسة والتي لا تزال دائرة حتى الآن منذ منتصف الشهر الماضي. وسائل الإعلام لا تفتر عن الحديث عن معركة كوباني، او عين العرب، كما يسميها البعض تلك المدينة الواقعة على الحدود السورية التركية، وهي مقر حزب العمال الكردستاني؛ الحزب المقاتل الشرس لإنشاء دولة كردية، ومقر عبدالله اوجلان زعيم الحزب القوي. يعتقد الأكراد- الذين استيقظ حلمهم في إنشاء دولتهم بعد تمزق الدول العربية كالعراق، وسوريا التي كانت يجب ان تكون ضمن خرائط سايكس بيكو للمنطقة- أن سقوط كوباني قد ينهي الحلم الكردي في إقامة تلك الدولة، ما أدى لأن تتحوّل كوباني إلى قضية قومية كردية وإذا سقطت فلن يكون هناك صلة جغرافية بين الكانتونات الكردية في عفرين والقامشلي. بالنسبة للدواعش فمعركة عين العرب اصبحت مجالاً واسعاً للتباهي، فبرغم ضربات التحالف فإنهم ليسوا فقط لا يزالون على قيد الحياة، بل ونداً قوياً، وهاهم يقضمون المدينة شبرا شبرا. وإحراز نصر فيها سيؤكد نهائياً فشل التحالف وحربه الجوية التي بدأت بعض الانتصارات الصغيرة للدواعش- مثل سقوط قاعدة التدريب في هيت قبل ايام التي اخلاها الجيش العراقي المتضعضع مجددا كما حصل لقواعد أخرى مدعياً التكتيك الحربي كعادته- تنذر بتحققها. إذا احتلت كوباني من قبل الدواعش فلن يترددوا في مهاجمة عفرين، ومناطق كردية أخرى في الحسكة. حينها سيسيطرون على شريط حدودي مع تركيا يصل طوله الى 160كلم، وبعمقٍ يمتد حتى الرقة وشرق حلب ودير الزُّور، ما سيعطيهم فرصة للسيطرة على ٩٠٪ من آبار النفط والغاز في المنطقة، تزيد قيمتها على ٤ مليارات دولار سنوياً. ان الصمود امام قوة هائلة كأمريكا تمثل عامل جذب قوي ورمزا للبطولة للكوادر التي تريد الانضمام للتنظيمات المقاتلة ضدها، فالولايات المتحدة في الشرق الأوسط لم تكن يوماً ذات شعبية لدى شعوب المنطقة لا على ايام المد القومي ولا حتى في هذه الأيام التي يسودها المد الديني. في سنة 2004م في مدينة الفلوجة العراقية تحصنت مجموعة من المقاتلين المقاومين للاحتلال الأمريكي، وقاتلوا بشراسة ومع انهم هزموا بعد ان استخدمت القوة الأمريكية قوتها المفرطة الا ان تلك الواقعة اصبحت مددا معنويا للمقاتلين الذين ينوون التصدي لأمريكا في العراق. الأتراك لم يكن التهيب والخوف هو دافعهم في عدم دخول الحرب ضد دولة خلافة البغدادي، وترددهم حتى الآن- في سماحهم للتحالف باستخدام قواعدهم- يؤكد أن اهداف التحالف ليست هي اهدافهم بالضرورة، فكما يصرح الأتراك فلا وجه للاختلاف بين دولة الخلافة البغدادية وحزب العمال الكردستاني. لذا فمعركة كوباني ستكون مفصلاً حقيقياً في النزاع الدائر حالياً في المنطقة. إدارة التعاون الصحي المشترك - مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام