أجاز مجلس الوزراء قبل أسابيع نظام الحماية من الإيذاء، وقد وصفه أحد أعضاء برنامج الأمان الأسري بأنه ثمرة جهود جهات عدة كشعبة الخبراء بمجلس الوزراء، ومجلس الشورى، وهيئة حقوق الإنسان، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسة الأميرة العنود الخيرية، ومؤسسة الملك خالد الخيرية، وبرنامج الأمان الأسري الوطني، ولجنة الطفولة بوزارة التربية والتعليم، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث تعاونت جميعها على اقتراح وإعداد ومراجعة عدد من الأنظمة التي تعنى بالحماية من الإيذاء كنظام حماية الطفولة، ونظام حماية المرأة، ونظام الحماية من التحرش، ودمجها جميعها في نظام واحد هو (نظام الحماية من الإيذاء). ورغم أنه إلى الآن لم تنشر بنود هذا النظام الوليد كاملة في الصحف أو المواقع الإلكترونية للجهات ذات الاختصاص كوزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة العدل أو غيرها من الجهات المعنية، إلا أن بعض ما نشر عنه يفيد أن النظام يحوي بنودا تحمي المبلغ وتضمن له عدم الكشف عن هويته، كما تضمن للضحية توفير المعالجة الطبية والإيواء والرعاية النفسية والاجتماعية، إضافة إلى بنود تتضمن إيقاع عقوبات متدرجة على ممارسي الإيذاء. وإذا كان من المبكر مناقشة بنود النظام قبل نشرها كاملة، إلا أن مجرد إجازته من مجلس الوزراء تمهيدا لتطبيقه، يعد ــ في حد ذاته ــ فتحا كبيرا في مجال مكافحة ما يتكرر حدوثه في المجتمع من حالات الإيذاء كضرب الزوجات والأولاد، أو حبسهم، أو حرمانهم من الطعام أو غيره من الاحتياجات البشرية، أو تحقيرهم وإهانتهم، أو تهديدهم، أو منعهم من الذهاب إلى المدرسة أو زيارة أحد الوالدين، أو التحرش الجنسي بهم، أو غير ذلك من أشكال الإيذاء النفسي والعضوي. في السابق، كان هناك رفض شبه رسمي للاعتراف بوجود حالات الإيذاء، وغالبا ما كانت تصنف تلك الحالات على أنها شأن أسري يدخل ضمن حق ممارسة التأديب، مما أضفى الشعور بالأمن على المؤذي اطمئنانا منه إلى أن لا أحد سيحاسبه على إساءاته، وأضفى على المتضرر شعورا بالخذلان واليأس أن يجد من يسانده أو يدفع عنه. ما يمكن التأكيد عليه هنا هو الحاجة إلى نشر هذا النظام في كل الأماكن العامة كالجامعات والمدارس ومقار العمل والنوادي وغيرها ليطلع عليه أكبر عدد من الناس، فالغاية منه هي الردع، والردع لا يكون ما لم يعرف الناس بوجود هذا النظام، خصوصا ما يتضمنه من حماية للمبلغ، فمن قبل كان البعض يتهاون في التبليغ عن حالات الإيذاء التي يتسنى له الاطلاع عليها، إما يأسا من التجاوب مع بلاغه، أو حماية لنفسه أن يكشف عن اسمه فيقع هو نفسه ضحية الانتقام والإيذاء. أخيرا، هذا النظام مثله مثل أي نظام آخر، لن يكون فعالا ومؤتيا ثمرته ما لم يرافقه الحزم في التطبيق.