محمد العصيمي حين سئل أحد الوزراء في دولة عربية عن كيف اكتشف معاونيه من الشباب الصغار المتحمسين قال: (أنا فقط ولعت النور). إجابة لافتة ودالة على أن الظلام الدامس هو الذي يخفي (جواهر) الشباب من الجنسين. أولئك الشباب المتعلمين المنتجين المتمتعين بالطاقة والحيوية، الذين يريدون أن يحصلوا على فرص وظيفية حقيقية قيادية في الحكومة، أية حكومة، لكي يسهموا في بناء وتطور بلدانهم وشعوبهم، بعد أن ينالوا الثقة بأنفسهم وإمكاناتهم. مرض التنمية العربية الدائم، كما هو مرضها في كثير من دول العالم الثالث، أن من يمسكون برقاب الإدارات وصناعة القرار لا يعطون فرصا كافية لتدفق طاقات الشباب في مسارب التنمية، مع أن نماذج كثيرة حول العالم أثبتت نجاح وصفة الخبرة المخلوطة بالطاقة. أي أن يظل الكبار في أماكنهم يمنحون الشباب خبراتهم في العمل بينما الشباب يتولون المهمات الصعبة والميدانية التي تتطلب ذهنية متقدة وأجسادا (عفية) قادرة على الفعل والحركة. والشباب، تنمويا، يكسب أرضا لصالحه على حساب الخبرات، لأنه يأتي محملا بالمعرفة العلمية والتكنولوجية الحديثة التي يدخلها إلى هذه الوزارة أو تلك لتنقلها من حالة الأداء التقليدي البطيء والمترهل لحالة أداء متقدم وسريع وفعال. ولذلك تجد دائما أن الدوائر التي يكثر فيها الشباب ويمكنون من أعمالها تحقق (انتفاضات) عملية وإنتاجية واضحة، بعكس تلك الدوائر التي تظل متمسكة، عجزا ووهما، بتلابيب كبار السن الذين وقفوا عند محطة السبعينيات والثمانينيات مثلا. إن مفاتيح التنمية الحقيقية ومفاتيح التقدم في أي بلد هم الشباب. وإذا أردنا هنا في المملكة أن ننقل مرافقنا التنموية إلى حالة جديدة وفعالة فلابد من أن (نولع النور) لنرى هؤلاء الشباب والبنات المؤهلين والموهوبين والجاهزين للعطاء والإبداع. جربوا، ولو مرة واحدة، أن تلتفتوا للشباب وتمكنوهم من وظائف القيادة والتشغيل واتخاذ القرارات لتروا كيف نتغير من حال إلى حال.. وكيف نصبح مجتمعا يصبح كل يوم على جديد ومفيد من هؤلاء الشباب. رجاء جربوا قبل أن يفوت مزيد من الوقت الضائع خلف دعاوى (الأقدمية) وخبرة الشعر الأبيض.