هنا بعض نماذج من تحالف الإهمال والتواطؤ مع كثير من مشاريع التنمية التي أوكلت لمقاولي الباطن وتجار الشنطة. ماسورة المياه التي تدفقت لمنزلي أخيرا -ولله الحمد- استغرقت سبع سنين مكتملة منذ توقيع العقد. تكمل ابنتي (ثانويتها) بنهاية العام، بينما لا يزال مشروع المدرسة الحلم (عظما) عاريا منذ عامين رغم أن عقد المدرسة (موقع) منذ سنوات خمس. سفلتة شوارع الحي الذي تحول إلى (فضيحة) تنموية لا زالت في طور الإعلان والترسية منذ عامين مكتملين، وللدهشة يتم ترحيل المبالغ المرصودة له من العام المالي الذي يليه. مستوصف الحي، حتى اليوم، لم يجد أي قطعة أرض يرسو عليها في بلد يحتفي زهوا وفخرا أنه ضمن الدول العشرين الأولى في نادي الاقتصاد العولمي الأعلى، ليس هذا فحسب بل هو أيضا ضمن هذا النادي في حجم المساحة. أكتب اليوم بعد أن أخذتني الصدفة مساء ما قبل البارحة إلى مجلس عزاء صديق عزيز فقد ولده البكر في حادث سير على (التحويلة) نفسها التي حصدت من قبل ستة أرواح وعلى الطريق القصير جدا ذاته الذي شهد من قبل عشرات الضحايا: من بينهم شاب (مشلول) يجلس على (عربية) في طرف الخيمة. هو الطريق ذاته الذي تمت ترسية ازدواجه منذ سبع سنوات بعقد (كان) يمتد لعامين فقط ويربط بين المدينة ذاتها وإحدى أهم ضواحيها (من قبل) قبل أن تتحول مع سبع سنين عجاف إلى حارة في شمال المدينة مع حركة النمو والتوسع. قمة المهازل المضحكة المبكية أن كل هذه الملايين المعتمدة لم تستطع إنجاز مشروع لأقل من خمسة كيلومترات في شارع حيوي جوهري في سنوات سبع. قمة المهازل المضحكة المبكية أن هذا الطريق، وهو مجرد مثال، قد تحول مع سنين التوقيع وسنونه إلى المقاول السادس من الباطن في ظرف سبع سنين من مشروع كان (معتمدا) لمدة عامين. قصة هذا الطريق، وهو هنا مجرد مثال؛ هي قصة كل هذا الفساد والعبث اللذين يستهتران بأرواح البشر مثلما يستهتران بالمال العام. ولدي اليوم كل الأوراق وبراهين الإثبات: استلم المقاول الأساس الأول المشروع ذاته بمبلغ 24 مليونا مكتملة وبعقد لمدة عامين، ثم تحول المشروع إلى يد المقاول الرابع من الباطن بمبلغ أربعة ملايين فقط، ولا زال هذا (يفحط) في جنباته منذ سنوات أربع. تقول كل خيمة العزاء: أنه لم يضرب في الطريق ضربة واحدة خلال العام الأخير بأكمله.