عُقد في الكويت أمس الاجتماع الوزاري المشترك الرابع للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمملكة المتحدة، حيث رأسه عن الجانب الخليجي معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، فيما رأسه عن المملكة المتحدة وزير خارجيتها فيليب هاموند. ورأس صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية وفد المملكة في الاجتماع. كما شارك في الاجتماع أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومعالي الأمين العام لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني. وأكد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في كلمة في مستهل الاجتماع أن تداعيات الأزمة في سوريا جعلت من الأراضي السورية حاضنة للتنظيمات الإرهابية.. وقال في هذا الصدد: "لقد أصبح ما كنا نحذر منه واقعاً يهدد ليس فقط أمن المنطقة وإنما العالم برمته فتداعيات الأزمة في سوريا جعلت من الأراضي السورية حاضنة للتنظيمات الإرهابية ومرتعاً لعملياتها وقاعدة تنطلق منها لتنفيذ مخططاتها الإجرامية". وشدد على أن هذا الأمر "يتطلب منا العمل الجاد والتنسيق المتواصل لتعزيز تحالفنا لمواجهة هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة وذلك من خلال عمل إستراتيجي متكامل نتصدى فيه ضمن أمور أخرى لهذا الفكر الهدام الذي تحمله تلك التنظيمات وذلك في كل مناحي الحياة". وأضاف قائلاً "يأتي اجتماعنا المهم في جدة بتاريخ 11 سبتمبر الماضي في سياق ذلك العمل والتنسيق كما يأتي اجتماعنا في باريس بتاريخ 15 سبتمبر وصدور قرار مجلس الأمن رقم 2178 بتاريخ 24 / 9 / 2014 ليعزز قدرتنا وإمكانياتنا في هذا الإطار ويجسد حرصنا على مواصلة ذلك العمل". كما جدد الشيخ صباح الخالد موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الرافض للإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه ووقوفه مع المجتمع الدولي في جهوده الرامية لدحر الإرهاب. ووصف معاليه الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة بأنه يمثل إضافة كبيرة في مسيرة العلاقات التاريخية العريقة بين الجانبين الصديقين ويعكس الرغبة المشتركة نحو المضي قدماً لتطوير وتعزيز آفاق التعاون في مختلف المجالات لخدمة المصالح المشتركة للطرفين. وأضاف الشيخ صباح خالد الحمد الصباح "أود أن أنتهز هذه المناسبة لأشيد بمواقف المملكة المتحدة الصديقة التي تحظى ببالغ التقدير من قبل دول مجلس التعاون لالتزامها الدائم والثابت بأمن دول الخليج العربي وتعاونها وتنسيقها المستمرين مع دول المجلس لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في هذه المنطقة المهمة والحساسة إقليمياً ودولياً". وأضاف "كما نشيد بمواقف المملكة المتحدة المتزنة إزاء مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية معربين عن ثقتنا بحرص المملكة المتحدة على مواصلة الجهود الهادفة إلى تعزيز أمن واستقرار دول مجلس التعاون وأمن منطقة الخليج وتأكيدها الدائم الرافض لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية". وأضاف "كما نقدر حرص المملكة المتحدة أيضاً على تكريس مبدأ حل المنازعات بالطرق السلمية وإشاعة أجواء الثقة بين دول المنطقة ونشيد في هذا الصدد بالدور الذي تقوم به المملكة المتحدة ضمن مجموعة (5+1) لمعالجة البرنامج النووي الإيراني الذي تؤكد دول المجلس قلقها إزاء ما يعتري المفاوضات الخاصة به من تعثر وتدعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاستجابة السريعة لمتطلبات المجتمع الدولي والأخذ بعين الاعتبار المشاغل الإقليمية والدولية بما فيها البيئية في ضوء عزم الحكومة الإيرانية بناء عدد من المفاعلات النووية في منطقة الخليج". وحول تطورات الوضع باليمن أشاد الشيخ صباح الخالد بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ودوره في قيادة عملية الانتقال السلمي للسلطة من خلال الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأضاف "ندعو إلى الالتزام باتفاقية السلم والشراكة الوطنية الذي وقعته القوى السياسية مؤخراً وندين بشدة التهديدات التي تقوم بها الجهات التي تعرقل السلام وتخالف الاتفاقات المبرمة معربين عن الأمل بأن يتخذ مجلس الأمن الدولي موقفاً رادعاً تجاه الأطراف التي تسعى للتأزيم وتعمل خارج إطار الشرعية الحاكمة والحرص على التنفيذ الدقيق لقرار مجلس الأمن رقم 2140 لعام 2014 الخاص باليمن". وبشأن الصراع في الشرق الأوسط قال الشيخ صباح الخالد: "سيبقى السلام والاستقرار في المنطقة أملاً معلقاً في الهواء ما لم يتحقق لنا تحرك جدي وفعال لدعم مسيرة السلام المتعثرة ونقدر في هذا الصدد جهود ومساعي بلدكم الصديق لتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط وذلك وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية كأساس لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ونأمل بمواصلة هذه المساعي والجهود لوضع حد لمعاناة شعب استمرت لأكثر من ستة عقود". وأضاف "كما نحيي موقف المملكة المتحدة الرافض للقرار الإسرائيلي الأخير ببناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية لما في ذلك من تأجيج للعنف وتقويض لعملية السلام". وجدد معاليه الدعوة للمجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته الإنسانية وممارسة الضغط على إسرائيل لعدم تكرار عدوانها وحملها على قبول خيار السلام والمسارعة في عقد مؤتمر دولي لحماية المدنيين الفلسطينيين وتجنيبهم آفات الحروب وويلات الدمار. وأشاد بالنتائج الإيجابية التي توصل إليها مؤتمر إعادة إعمار غزه الذي عقد قبل يومين في جمهورية مصر العربية الشقيقة الذي استطاع جمع تعهدات من الدول لإعادة إعمار غزة بعد التخريب والدمار الذي أحدثته الآلة العسكرية الإسرائيلية مثمناً المساهمة البريطانية القيمة التي بلغت 32 مليون دولار أمريكي، كما أشاد بحكومة الوفاق الوطني الفلسطينية التي عقدت أول اجتماع لها في غزه لتنطلق في أجواء وفاق وطني يحمل الأمل لأبناء الشعب الفلسطيني الشقيق. وبشأن الوضع الإنساني في سوريا قال الشيخ صباح الخالد "إن مما يدعو إلى الألم أن تتواصل الكارثة الإنسانية في سوريا وتستمر في حصد أرواح الأشقاء وتدمير بلادهم وتهديد الأمن والسلم الدوليين الأمر الذي يتطلب تعاون المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن الدولي وأنتم تحظون بعضويته الدائمة لإنهاء هذا الصراع ووقف نزيف دماء الأشقاء". وبشأن العراق شدد الشيخ صباح الخالد على ضرورة العمل للمحافظة على أمن واستقرار العراق الشقيق ووحدة أراضيه ودعم التوافق الوطني فيه وبما يعكس التمثيل العادل لجميع مكوناته. وأضاف "وفي هذا الصدد نجدد التأكيد على أهمية أن تحظى الحكومة العراقية الجديدة بدعمنا جميعاً مع تمنياتنا للقيادة الجديدة بالنجاح في جهودها الرامية لإحلال الأمن والاستقرار في كافة ربوع العراق الشقيق".