في غفلة من العالم المنشغل بالأحداث السياسية، يعمل الهنود بصمت لتحقيق ذواتهم فها هم يبنون اقتصادا واعدا هو ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، مسجلاً نموا بلغ 5.7 بالمائة عن ربع السنة المنتهي في يونيو الماضي، ليصل لأعلى مستوياته خلال عامين ونصف العام، وها هم ايضا يحتلون قائمة الاثرياء في كل بلد يستوطنونه. ففي بريطانيا تصدر الشقيقان سري وجوبي هندوجا اللذان يديران مجموعة هندوجا العالمية للسيارات والمصارف والاستثمار قائمة أغنى شخصين في انجلترا بثروة قيمتها 20 مليار دولار، وعلى قائمة الفوربس لأثرياء العالم 2014 احتل 56 اسماً من الاثرياء الهنود بلغت ثرواتهم 191.5 مليار دولار. وفي دول مجلس التعاون الخليجي التي تضج بالهنود هناك 50 ثرياً هندياً تبلغ ثرواتهم قرابة 40 مليار دولار - حسب قائمة اربيان بزنس - يتصدر هذه القائمة ميكي جاجتياني الذي جمع نحو 4 مليارات دولار من عمليات مجموعته لاندمارك في تجارة التجزئة (يعمل في البحرين). يليه بي أر شيتي مؤسس مجموعة إن إم سي (ابوظبي)، وثالثاً مؤسسو مجموعة جمبو وهم عائلة تشابريا الذين تبلغ ثروتهم 1.45 مليار دولار (دبي) بعدهم يوسف علي صاحب مراكز لولو للتسوق (الامارات)، وبي إن سي مينون الذي يعمل في (عُمان). الغريب أن هؤلاء الهنود بدأوا من الصفر فجاءوا كعمالة وافدة واستطاعوا ان يحصدوا الثروة في الخليج لفرصة اقتنصوها، وصنعوا لهم مكانة على خارطة البلد الذي استوطنوه. ففي البحرين وصل التجار الهنود حتى الى غرفة التجارة والصناعة وكان لهم اليد الطولى في انتخابات الغرفة الفائتة في ظل انشغال البحرينيين بهمومهم السياسية، والآن تضم ادارة الغرفة العضو الهندي محمد ساجد، ولن نستبعد ان يحتل بعض الهنود في الاعوام المقبلة سدة البرلمان. ليس ذلك فحسب، بل هم اليوم يديرون أكبر الشركات الخليجية المنتمية لعائلات أو أثرياء خليجيين، ولهذه الجنسية بالذات (الهندية) ارتباط كبير ببلدها وإن أعطيت جنسية أخرى، فهم شديدو الاعتزاز بوطنهم الذي لفظهم في فقر مدقع ليصبحوا أثرياء على أرض غربة، لكن رغم ذلك تراهم يدينون بولائهم للهند، بل ويجلبون معهم ثقافتهم، وما يميزهم هو تمتعهم بالصمت في ظل الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تغلي كمرجل في المنطقة. لذا لم يُلهِهم عن طموحهم اي عائق، بل باتوا اقرب لمراكز صنع القرار السياسي الذي يرى فيهم الاكثر ولاء وحكمة والاقل فوضى وسخطا. مدهش حقاً ان نعرف ان نصف التحويلات الى الهند من دول الخليج من العاملين الهنود، إذ يعمل بدولنا الخليجية نحو 6 ملايين عامل هندي ويقومون بتحويل قرابة 60 مليار دولار سنويا لبلدهم. فاقتصادنا معتمد عليهم، لذا فان جميعهم - دون استثناء - مؤهلون لان يكونوا مثل نظرائهم مليونيرات، إذ تحكمهم ذات الظروف ولديهم فرص كبيرة في الخليج أكثر من أي دولة.