×
محافظة المنطقة الشرقية

الشرقية تحصد أعلى جوائز التميز في التربية

صورة الخبر

منحت جائزة نوبل للاقتصاد لعام 2014 إلى جان تيرول الباحث الفرنسي في جامعة تولوز، وذلك بفضل أبحاثه المتنوعة حول المالية والشركات والأسواق. وأعلنت الأكاديمية الملكية للعلوم القائمة على جائزة "نوبل" في بيان أمس أن الجائزة منحت للباحث الفرنسي "لتحليله قوة الأسواق المالية وسبل تنظيمها". وتابعت الأكاديمية "أن تيرول أحد خبراء الاقتصاد الأكثر تأثيرا في عصرنا". وأضافت أن "العديد من الصناعات يهيمن فيه عدد صغير من الشركات الكبرى وأحيانا شركة محتكرة واحدة. وهذه الأسواق إذا لم يتم تنظيمها يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة اجتماعيا مثل أسعار أكبر من التكلفة بكثير أو شركات غير منتجة لكنها تظل عاملة لأنها تعرقل دخول شركات جديدة أفضل إنتاجا". وتيرول هو ثالث فرنسي ينال جائزة نوبل للاقتصاد بعد جيرار ديبرو في 1983 وموريس أليه في 1988. وقال شتيفان نورمارك، الأمين الدائم للأكاديمية، في معرض تبرير منح تيرول الجائزة المرموقة، إن جائزة هذا العام هي جائزة ترويض الشركات ذات النفوذ. ورأى توري ايلنجسن، رئيس لجنة التحكيم، أن تيرول أثبت من خلال أبحاثه كيفية فهم الأسواق ذات الشركات القليلة النافذة وكيفية ضبط هذه الأسواق. وكان تيرول الذي يعمل مع جامعة تولوز منذ تسعينيات القرن الماضي بعد عودته من جامعة أم آي تي الأمريكية بين المرشحين لنيل هذه الجائزة منذ بضع سنوات. وقال تيرول لوكالة الأنباء الفرنسية إن جائزة نوبل "لن تغير شيئا بالنسبة لي. إن ما أحبه هو الأبحاث التي أعيش معها والأصدقاء الذين أعمل معهم، ثم القيام بأبحاثي مع طلابي". وورد اسم جان تيرول (61 عاما) الباحث الذي بقي مخلصا لجامعة تولوز منذ التسعينيات بعد عودته من جامعة "إم آي تي" الأمريكية، بين الأكثر ترجيحا للفوز بجائزة نوبل منذ بضع سنوات. وهو معروف بـ "تحليلاته حول قدرة السوق والتنظيم"، كما أعلنت لجنة التحكيم في بيان. واعتبر فرنسوا هولاند الرئيس الفرنسي على حسابه على تويتر أن "جائزة نوبل هذه تلقي الضوء على نوعية الأبحاث في بلادنا". من جهته كتب مانويل فالس رئيس الوزراء على تويتر "بعد باتريك موديانو، ها هو فرنسي آخر نوجه له التهنئة وهو جان تيرول". وكتب إيمانويل ماكرون وزير الاقتصاد الفرنسي على حسابه في تويتر "أوجه تهنئة خاصة لجان تيرول الذي تفتخر به بلادنا ومدرسة الاقتصاد الفرنسية". وأضاف "جان تيرول هو أحد الخبراء الاقتصاديين الأكثر نفوذا في عصرنا. إنه واضع مساهمات نظرية مهمة في عدد كبير من المجالات، لكنه أوضح خصوصا طريقة فهم وتنظيم القطاعات في بعض الشركات الكبيرة". وتعليقا على فوزه، قالت الأكاديمية السويدية التي منحت تيرول جائزة نوبل للاقتصاد إنه ساهم في تحقيق تقدم كبير في معرفة كيف يمكن السيطرة على الكارتل والاحتكارات. وأضافت الأكاديمية أن "هذه نقطة مهمة في السياسة الاقتصادية منذ عمليات الخصخصة والتحرير التي شهدناها من الثمانينيات. كما أنها موضوع ساخن في الوقت الحاضر، في الوقت الذي تسعى فيه بروكسل إلى تنظيم شركات الإنترنت العملاقة مثل جوجل والسيطرة على القطاع المصرفي". وقالت إن أعمال تيرول تجاوزت النماذج البسيطة حيث كانت الأسعار هي التي تضع السقف أو الحد الأعلى وكان من الممكن منع الشركات من مشاركة المعلومات. وتابعت "تيرول برهن نظرياً على مثل هذه القواعد ربما تنجح في ظل ظروف معينة، لكنها تضر أكثر مما تنفع في ظروف أخرى. تستطيع سقوف الأسعار أن تعطي الشركات المهيمنة حوافز قوية لتقليص التكاليف – وهو أمر جيد بالنسبة للمجتمع، لكنها في المقابل تسمح بجني أرباح مفرطة، وهو أمر سيئ للمجتمع". وتضيف الأكاديمية السويدية: "التعاون في تحديد الأسعار ضمن سوق معينة يعتبر ضاراً في العادة، لكن التعاون بخصوص مجاميع براءات الاختراع يمكن أن يكون مفيداً للجميع. إن اندماج شركة معينة مع شركة التوريد التي تتعامل معها يمكن أن يشجع على الابتكار، لكنه يمكن أيضاً أن يشوه المنافسة. بالتالي أفضل تنظيم بخصوص سياسة المنافسة ينبغي أن يتم تعديله بعناية لينسجم مع الظروف الخاصة لكل صناعة". في سلسلة من المقالات والكتب، عرض تيرول إطارا عاما لتصميم مثل هذه السياسات وطبقها على عدد من الصناعات، التي تتراوح من الاتصالات إلى المصارف. فحين تستفيد الحكومات من هذه المعلومات، تستطيع بصورة أفضل أن تشجع الشركات القوية على أن تصبح أكثر إنتاجية، وفي الوقت نفسه تحول دون أن تقوم هذه الشركات بإيذاء الشركات المنافسة والزبائن. وتتركز أبحاثه في عدة أسئلة مهمة، خصوصا السؤال التالي: إلى أي مدى ينبغي للحكومة أن تتدخل في السوق؟ غالبا ما يعتبر الاقتصاديون أن الأسواق شديدة التنافس هي في الصالح العام. وحين تبذل شركات الإنتاج في تلك الأسواق جهودا قوية من أجل تحقيق الأرباح فإنها تقاد - كما لو أن وراء ذلك يدا خفية - إلى تصنيع منتجات ذات نوعية عالية وبتكلفة بسيطة. لكن هناك صناعات كثيرة ليست تنافسية للغاية، وهذا الافتقار إلى المنافسة يوسع من نطاق التدخل الحكومي من أجل الصالح العام. تهدف نظريات القوانين التنظيمية وسياسة المنافسة إلى تقديم إرشاد علمي مفيد بخصوص مثل هذا التدخل. من الواضح أن أي توصيات لا بد أن ترتكز على فهم سليم لعوامل القصور في الأسواق التنافسية. حين تتمتع إحدى الشركات بقوة سوقية، فكيف ستتصرف؟ وكيف سيؤثر سلوكها في موردي الشركة وزبائنها ومنافسيها؟ الأسئلة التي من هذا القبيل تبحث في تخصص يعرف باسم "التنظيم الصناعي". وقد منِح جورج أستيجلر جائزة نوبل في الاقتصاد في عام 1982 بسبب "دراساته المهمة في الهياكل الصناعية، وطريقة عمل الأسواق، وأسباب وآثار التنظيم من القطاع العام". لكن منذ ذلك الحين شهد علم التنظيم الصناعي تطورات سريعة، بل وحتى ثورة. عملت هذه الثورة على تعزيز فهمنا بدرجة كبيرة بمدى القصور في عمل الأسواق التنافسية، وهو ما أدى بدوره إلى وضع الأساس لسياسة خاصة بالتنافس مستنيرة بشكل أفضل من قبل. وحصل تطور مماثل في نظرية التنظيم الأمثل للشركات ذات القوة السوقية. إن التقدم في هذه المجالات هو علامة على نوعين من الفتح العلمي في المناهج، وهما نظرية الألعاب، ونظرية تصميم الآليات. وبنهاية السبعينيات كان الوقت قد حان لتطبيق هذه الأدوات على القضايا المهمة، مثل التنافس غير الكامل، والتنظيم، وسياسة التنافس. وقد اجتذب هذه الدراسات الخصبة كثيرا من الاقتصاديين. وكانت الثورة التحليلية هي إلى حد كبير مجهود جماعي، لكن من بين كثير من المساهمين، يبرز اسم جان تيرول عاليا. لم يقم باحث آخر بأكثر مما قام به تيرول في تعزيز فهم التنظيم الصناعي بصورة عامة، والتدخلات الأمثل من الحكومة بصورة خاصة، أدى الاتحاد الأوروبي إلى خلق سوق مشتركة. ونشأت قضايا جديدة كثيرة لم يكن من الممكن دراستها بصورة مجدية بمساعدة النظريات القائمة – لأن تحليلها كان يتطلب مزيجا من نظرية التنافس المحدود، ونظرية المقابلة (بين الفاعل الرئيس والوكيل)، والتكامل بين علم الاقتصاد الصناعي وعلم الاقتصاد العام. وتشتمل خبرة تيرول على جميع هذه المجالات، وبالتالي كان في موقع ممتاز يؤهله لتحقيق مساهمة دائمة في العلم. لقد وضع إطارا موحدا لنظرية التنظيم الصناعي والتدخل التنظيمي من الدولة. ومن الصعب تلخيص مجمل إسهامات تيرول في هذه المجالات، لكن الملامح الأساسية لإسهاماته تبرز في مجموعة النقاط التالية: 1. أنشا تيرول معيارا جديدا للمتانة العلمية في مجالي التنظيم الصناعي والتدخل التنظيمي من الدولة. فقد كان بصورة منهجية يشتق نتائجه من الافتراضات الأساسية حول التفضيلات، والتكنولوجيات (بما في ذلك تكنولوجيات المقاولات)، والتباين المعرفي في المعلومات (بمعنى أن تتوافر لدى طرف معين معلومات أكثر مما لدى الطرف الآخر). منذ البداية، كان منهج تيرول يقتضي خبرة تقنية عالية، خصوصا في المجالات سريعة التطور، وهي نظرية الألعاب ونظرية المقاولات. 2. عملت المتانة العلمية لدى تيرول على تسهيل الواقعية في الأبحاث. كان تقسيم الأعمال في المجتمع العلمي غالبا ما يشجع النظريين على التخصص في فهم المنطق الداخلي للنماذج الجديدة، ويترك المهمة الشاقة في مواجهة النماذج وتطبيقها على الواقع إلى العلماء ذوي التوجه التطبيقي. نتيجة لذلك كان العمل النظري يبدو أحيانا منفصلا عن "العالم الواقعي" و "الممارسة ذات الصلة". بالمقابل، قام تيرول بتصميم نماذجه بعناية لكي تستوعب السمات الأساسية لبيئات اقتصادية بعينها، وإبراز الآليات المهمة التي قامت الأبحاث التطبيقية السابقة إما بتجاهلها أو أخفقت في توضيح معالمها بالدقة العلمية اللازمة. 3. أحضر تيرول الانضباط إلى أدبيات مبعثرة. من خلال تطوير إطار مفهومي متناسق عبر نطاق واسع من القضايا، وأصبح الاقتصادي الرائد في خلق أول نظرية شاملة ومتناسقة في مجال التنظيم الصناعي. بعد أكثر من 25 سنة، لا يزال كتابه الدراسي المهم الذي نشره في عام 1988 أفضل خريطة طريق لهذا التخصص. صحيح أن الكتاب في بعض جوانبه أصبح عتيقا إلى حد ما، إلا أن السبب في ذلك هو أبحاث تيرول نفسه التي قام بها بعد نشر الكتاب والأبحاث التي استلهمت أعمال تيرول. وفي عام 1993 نشر تيرول كتابا، بالاشتراك مع جان جاك لافون، عرض فيه إطارا موحدا للنظرية. وقد أثر هذا الكتاب تأثيرا عميقا بالطريقة التي يفكر بها الاقتصاديون حول القوانين التنظيمية. 4. عملت نماذج تيرول على شحذ وتعميق تحليل السياسة الاقتصادية. من خلال التركيز على السمات الأساسية التي تولد التباعد بين المصالح الخاصة والعامة، تمكن تيرول من توضيح معالم التنظيم الأمثل لصناعات محددة. وفي أحيان كثيرة كان تفكيره العلمي المتين يؤدي إلى قلب النظريات السائدة في السابق. على سبيل المثال، أفلح في أن يتحدى وجهة النظر التي كانت سائدة من أن قوة الاحتكار في سوق معينة لا يمكن الاستفادة منها بصورة مربحة في سوق أخرى من خلال التكامل العمودي. نتيجة لذلك أصبح المختصون في المنافسة أكثر انتباها للمخاطر الكامنة في القيود على التكامل العمودي. بصورة عامة، برهن تيرول كيف أن الأسباب التي تعطى لتبرير تدخل الدولة تتلخص في مشاكل تباين المعلومات والتعليقات الموثوقة. هذه الدروس العامة – إلى جانب عرض لتطبيقات محددة – تشكل أساسا قويا لتحليل السياسة الاقتصادية. وجائزة نوبل للاقتصاد هي الوحيدة التي لم ترد في وصية الفرد نوبل مخترع الديناميت السويدي. وأنشأ الجائزة بنك السويد في عام 1968 ومنحت للمرة الأولى في 1969. وكل جوائز نوبل الأخرى (السلام والطب والفيزياء والكيمياء والأدب) منحت للمرة الأولى في 1901. ومن المفترض أن يحصل تيرول على الجائزة المرفقة بمبلغ ثمانية ملايين كورون سويدي (878 ألف يورو تقريبا) في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) في ستوكهولم. السيرة الأكاديمية لتيرول جان تيرول المولود في تروا من أب طبيب ووالدة تدرس الآداب، اتجه في بداية الأمر نحو الرياضيات وانتسب إلى معهد البوليتكنيك واكتشف الاقتصاد متأخرا وهو في الحادية والعشرين. وبعد نيله شهادة الهندسة المدنية (في شق الطرق وبناء الجسور)، اختار لاحقا متابعة دراسة الدكتوراه في الاقتصاد في الولايات المتحدة، في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ماساتشوستس إنستيتيوت أوف تكنولوجي). ووصل إلى تولوز في 1991، وهو أحد مؤسسي معهد الاقتصاد الصناعي فيها والذي سيتحول لاحقا إلى ما يسمى اليوم "معهد تولوز" في الاقتصاد. ونال الميدالية الذهبية من المجلس الوطني للبحوث العلمية في 2007. وكان قد سبقه إلى هذه الميدالية خبير اقتصادي واحد هو موريس أليه. وحصل تيرول على ثمانية ملايين كورون (878 ألف يورو). وهي المرة الأولى منذ 2008 التي تمنح فيها جائزة نوبل إلى خبير اقصادي واحد، والمرة الأولى منذ 1999 التي لم يحصل عليها أمريكي. وتدل هذه الجائزة على سلامة الأبحاث الاقتصادية في فرنسا. وفي آب (أغسطس)، أوردت النشرة الشهرية لصندوق النقد الدولي أسماء سبعة فرنسيين بين الخبراء الاقتصاديين الـ 25 الواعدين الذين بلغوا الخامسة والأربعين من العمر. ويخلف تيرول ثلاثة أمريكيين هم يوجين فاما ولارس بيتر هانسن وروبرت شيلر الذين كانوا ينطلقون من فرضيات متعارضة لشرح تطور الأسواق المالية: الاثنان الأولان فرضية عقلانية العناصر، والثالث العناصر النفسية التي يمكن أن تضرب الاستقرار.