×
محافظة المنطقة الشرقية

مجهولون يعتدون على وافديْن بالعوامية

صورة الخبر

فاجأ الرئيس أوباما العالم بأسره بحركة مسرحية قبل أسبوع. لم تؤجل حركته الحرب المعلنة فحسب بل ها هو القائد العام يخاف ويعلن أنه سيطلب رأي في الكونغرس كل الشرعية التي تتطلبها عمليته، في الولايات المتحدة على الأقل. الأكيد أن المفاجأة العسكرية كانت كبيرة، بيد أن المفاجأة «الدستورية» أكبر. أكثر من رئيس قبل أوباما لم يعبأ برأي الكونغرس في مسألة التدخل العسكري. ومنذ الإعلان الرسمي الأخير للحرب في كانون الأول (ديسمبر) 1941، أمر الرؤساء الأميركيون بالتدخلات العسكرية من دون أن يأخذوا رأي الهيئة التشريعية (نتذكر ترومان والحرب الكورية في 1950 وهجوم نيكسون على كمبوديا في 1970 والإنزال الأميركي في غرينادا في 1983 واجتياح بنما في 1989). النصف الثاني من الرؤساء لم يطلب رأي الكونغرس الذي بادر إلى إعلان موقفه (كما في حالة كوسوفو في 1999) أو طلب رأيه فيما كانت خطط التدخل لا تحتمل الشك (جونسون وفيتنام في 1964 وجورج بوش في الكويت في 1991 وجورج دبليو بوش في العراق في 2002). لا حالة واحدة اعتبر فيها التصويت في الكونغرس حاسماً وملزماً لرئيس الولايات المتحدة حيال قراره شن عملية عسكرية. هل تُقدم حالة باراك أوباما وتردده في الهجوم على سورية حالة فريدة أو جديدة، خصوصاً في «فقه التشريع» هذا الذي أقر بتفوق القائد العام في الحق باتخاذ القرار النهائي بشن العمليات العسكرية؟ نعم ولا. الأكيد أن تأرجح أوباما ملفت للنظر، على الأقل من ناحية المظهر، لقد ربط قراره بقرار الكونغرس (على رغم تكراره لتأكيد عدم ارتباطه بنتائج التصويت في الكونغرس). وفي حال خسر أوباما التصويت، تحديداً في مجلس النواب، سيكون أول رئيس لا يتدخل، على رغم تمنيه ذلك، ما يمكنه من لوم الكونغرس الذي أعاقه. يضاف إلى ذلك، أن الطلب الرسمي الذي تقدم به أوباما ينشئ نوعاً من السابقة: أي رئيس سيريد التدخل في المستقبل من دون أن يطلب الموافقة الرسمية من الكونغرس؟ يمكن الرهان على أن أوباما لو سأل رأي أسلافه قبل إعلانه (طلب موافقة الكونغرس) الأسبوع الماضي، لما أوصى أي منهم بالعمل على هذا النحو. كلهم، من كارتر وبوش الأب والابن وكلينتون كانوا ليذكّرونه بأنه غير مجبر وأنه بفعله هذا قيّد عملياً الحق الحصري في سلطات الحرب الموجودة حتى الآن في يد القائد العام في البيت الأبيض. في المقابل، من سمات «الحرب الجيدة» الحصول على موافقة الكونغرس لتعزيز شرعية التدخلات التي يريدها الرؤساء خصوصاً إذا تملكتهم الشكوك حول الأسس الشرعية للتدخل أو في حال اعتقدوا أن من الضروري حشد الرأي العام. ويؤدي الكونغرس دور المؤخر والسياج المفيد. في حالة أوباما، لا يحظى الهجوم على سورية بتأييد حتى ثلث الأميركيين وفق استطلاعات الرأي والأهداف المحددة لا تبدو أكيدة من وجهة نظر كثر من المشرعين، والدعم الدولي ذاب مثل الثلج تحت الشمس... استراتيجية البيع هذه استخدمها جونسون (لتشريع حرب فيتنام) وبوش الأب (لمحاولة إرغام القوات العراقية على الانسحاب من الكويت) وبوش الابن (لتبرير اجتياحه العراق). وينجح دائماً تقريباً أثر الحشد، باستثناء حالة كلينتون في كوسوفو (عندما تساوى عدد الأصوات في مجلس النواب لكن الرئيس تجاهل التصويت تماماً) وحالة بوش في الكويت (كان عدد الأصوات متقارباً لكن ذلك لم يغيّر القرار الرئاسي). المدهش أن قانون سلطات الرئيس في الحرب، الصادر في 1973 لم يقفل النقاش. وتبرز السخرية عندما يعلن الشيوخ الجمهوريون والديموقراطيون أن مدة التدخل المقرر ضد سورية يجب ألا تزيد على ستين يوماً وإذا لم يوافق الكونغرس، يجب أن يتوقف في غضون تسعين يوماً... هذا بالضبط ما يطالب به القانون، ولكن ما من رئيس احترمه. دعونا نتذكر أنه وفقاً للقانون المذكور، على الرئيس أن يبلغ غرفتي الكونغرس بانطلاق العملية العسكرية وأنه في الأيام الستين (ثم في الثلاثين الإضافية) يحق للكونغرس إنهاء العملية من دون أن يتمكن الرئيس من نقض هذا القرار.   * أستاذ في جامعة كيبيك – مونتريال «أوكام»، عن «لو فيغارو» الفرنسية، 8/9/2013، إعداد حسام عيتاني