مسيرة حاشدة في المهندسين ضد الانقلاب تدعو إلى زيارة أهالي الشهداء. لكن ما لم يذكر في شأن المسيرة الحاشدة هو أن سكان المهندسين رشقوهم بأكياس المياه، وسيدات المهندسين أشرن اليهم بعلامات الشجب والتنديد، وأصحاب المحلات توعدوهم بـ «علقة ساخنة» في حال اقتربوا من الواجهات. سلسلة بشرية ضخمة في المنوفية للتنديد بالانقلاب والتشديد على الشرعية. لكن ما لم يُشر إليه في شأن السلسلة الضخمة هو أن الأهالي أصروا على تفريق العشرات من أنصار جماعة الإخوان ومطاردتهم في الشوارع الجانبية. وقفات وعروض «داتا شو» ومسيرات مذهلة في فعاليات «الوفاء للشهيد» في الدقهلية. لكن ما لم يُتطرق إليه في شأن الوقفات والعروض والمسيرات الهائلة، أن منظمي الفعاليات ألغوا المسيرات خوفاً من حدوث مواجهات مع الأمن. نساء الإسكندرية من تيارات مختلفة وربات بيوت ومسيحيات لا علاقة لهن بـ «الإخوان» أو بالإسلام السياسي، ينظمن مسيرة للتنديد بالانقلاب الدموي. لكن ما لم يُذكر هو أن الهتاف الرئيس كان «الخلافة جاية جاية... إسلامية إسلامية». ماكينة الإعلام الإخوانية التي تعمل بكد وجد وصد لكل ما ينتمي الى ما بات يُعرف بـ «الإرادة الشعبية» التي فرضت نفسها يوم 30 حزيران (يونيو) الماضي، لا ينافسها إلا وجهها الآخر، ألا وهو ماكينة «كسر الانقلاب» الإخوانية المرتدية رداء الفعاليات «الروشة» تارة، والائتلافات الخفيفة الظل تارة أخرى، والحركات المتفردة المستنسخة مما سبقها على أيدي شباب الثورة مرة ثالثة... وجميعها يستمد بقاءه ويتزوّد بزخمه عبر الأثير العنكبوتي. هذا الأثير المتخم بحركات وأجنحة وائتلافات ومجموعات وجماعات وتجمعات وحزم لا يجمع بينها إلا «أدمن» الصفحات ومسؤولو التغريدات ومنسقو التعليقات والأهم مبتدعو الأسماء ومبتكرو الفعاليات من لجان إلكترونية لا تكل ولا تمل من تطبيق نظرية «الانشطار النووي»، حيث يعملون على شطر نواة ذرة العنصر الإخواني، وهو ما يؤدي إلى انشطارها إلى «نيوترونات» على هيئة مسيرات ووقفات وسلاسل بشرية وفوتونات حركات وائتلافات وجبهات تتكاثر تكاثراً ذاتياً أو «عذرياً» وهو ما يحدث حين تتولد حركات «شعبية» ذاتياً من دون الاضطرار الى الاتصال مع الشعب! «شعب ضد الانقلاب» إحدى هذه الحركات المليونية التي تحوي 924 فرداً من الشعب. وعلى رغم ذلك يؤكد «أدمن» (إداري) الحركة العنكبوتية أن الشعب كله قال كلمته ضد الانقلاب، ولا يطلب سوى عمل «لايك» والدعاء للدكتور محمد مرسي. الدعاء للدكتور مرسي مطلوب كذلك في الحركات الكثيرة التي يمكن اعتبارها تفنيطاً عمرياً ونوعياً للشعب الذي هو ضد الانقلاب، فمن «شباب ضد الانقلاب» حيث الخمسة آلاف «لايك» والتحول مفاجئ بالأصابع الأردوغانية الأربعة من «رابعة» رمز الصمود إلى «دلجا» رمز الحرية، إلى «أطفال ضد الانقلاب» حيث الـ 1200 «لايك» حيث يرسم الصغار العملية الحسابية (2 + 2 تساوي أصابع «رابعة»). ويهتفون «أطفال أحرار هنكمل المشوار»، ويقفون سلاسل بشرية مطالبين بعودة «بابا مرسي»، إلى «ربات بيوت ضد الانقلاب» حيث الـ 159 «لايك» وإعلان هذا العدد الهائل عن رفض الانقلاب وكل تاجر ساهم فيه بالسكوت عليه، إلى «طلاب ضد الانقلاب» والـ 12 ألف «لايك» الرافضة للانقلاب والمبرهنة لذلك عبر صورة لطلاب غزة يرسمون كلمة «رابعة» بأجسادهم، ويتغزلون في اعتصام المترو حيث تم كسر الانقلاب بجنيه بكلمات جميلة مستنسخة كالعادة من أغنية علي الحجار المثيرة للجدل «إنتوا شعب وإحنا شعب» هي «إحنا مترو وإنتو مترو، إحنا خط وإنتو خط، إحنا رابعة وإنتو السيسي». وهناك انشطار نووي كذلك للحركات على أساس النوع حيث «بنات ضد الانقلاب» مسجلة 197 «لايك»، وآخر مهني على أساس المهنة مثل «بيطريون» و «معلمون» و «محامون» و «زراعيون» و «مهندسون» و «فلاحون» و «عمال» و «صحافيون» وجميعهم «ضد الانقلاب» حتى يهيأ للمتابع أنه لم يتبق إلا تأسيس حركة «انقلابيون ضد الانقلاب» حتى يكون كوكب الأرض كله «ضد الانقلاب»! ولم يفت على الجهود المكثفة لإعادة الدكتور محمد مرسي إدارج بند للتصنيف الديني للقوى الشعبية «ضد الانقلاب»، فهناك بالطبع «مسيحيون ضد الانقلاب» حيث صور فتيات غير محجبات وخلفيات تحمل صوراً للمسيحية للتشديد على إن مسيحيي مصر الشرفاء يدعمون المشروع الإسلامي ويؤيدون «الشرعية والشريعة» ويطالبون بعودة أول رئيس مدني منتخب جاءت به الصناديق. وعلى رغم أن الخيال قد يدفع بالبعض إلى أن يشطح في عالم «الفانتازيا» ويغوص في بحور الأساطير ويحلّق في سماء الخرافات ويقول: «لم يتبق إلا أن يكون هناك كفار ضد الانقلاب»، فإن الواقع يثبت أنه أكثر «فانتازية» من الخيال. «كفّار ضد الانقلاب» تعرّف نفسها بأنها «مجموعة من كفار وملاحدة العالم العربي ضد الحكم العسكري الغاشم في مصر»، وعلى رغم أن محتوى الحركة يرجّح أن يكون الغرض الرئيسي منه هو السخرية (من جانب الانقلابيين) من سيولة الحركات المضادة للانقلاب وسذاجة البعض الآخر واصطناعية البعض الثالث، وعلى رغم تعرض مثل تلك الفعاليات عادة الى «اللعنات المصبوبة» والشتائم الموجهة إلى القائمين عليها باعتبارهم مفسدين للأخلاق وهادمين للدين، فإنه يُلاحظ أن أنصار الشرعية والشريعة احتفظوا برباطة جأشهم وحافظوا على هدوء أعصابهم علهم يكونون بالفعل «كفاراً ضد الانقلاب» لنصرة الشرعية ودعم الشريعة. وعلى رغم أن الانطلاقة الأولى للشرعية والشريعة في «رابعة» كانت حكراً على الإنس، إلا أن توسّع الانطلاقة وتمددها أديا إلى تكوّن رابطة «فضائيون ضد الانقلاب» والتي تحوي صوراً ورسوماً لكائنات فضائية تهتف «يسقط يسقط حكم العسكر» ومكاكيك فضائية تحمل شعار أصابع «رابعة» الأردوغانية وتأكيدات حول وصول مسيرة حاشدة من «بلوتو» لدعم الشرعية وسلسلة بشرية ضخمة تربط بين كواكب المجموعة الشمسية. شمس الحقيقة الغائبة في مسيرات أنصار الشرعية والشريعة بين مئات أو مليونيات ووقفات داعمي الدكتور مرسي التي يرشقها الأهالي بالورود ويقذفونها بالقبلات وفي أقوال أخرى يرشقونها بالطماطم ويقذفونها بالبيض، وسلاسلهم البشرية التي تقابل بهتافات التأييد وعبارات التعضيد وفق صفحات الجماعة وبهتافات التنديد وعبارات الوعيد وفق صفحات كارهيهم، تسطع بحقيقة واحدة. الجماعة وحلفاؤها باتوا يعمدون إلى اجتياح المحافل بأخبار النجاح غير المسبوق للمليونيات المتعاقبة والفعاليات المتتالية والسلاسل التي لا تنقطع وجهود كسر الانقلاب التي لا تكسره!