لا يريد د. محمد مهران رشوان في كتابه «تطور الفكر الأخلاقي في الفلسفة الغربية» أن يؤرخ للفكر الأخلاقي أو الحديث عن علم الأخلاق، إنه يريد أن يلقي نظرة سريعة على تطور الفكر الأخلاقي عند الفلاسفة، منذ أسلافهم اليونانيين حتى الفكر الأخلاقي الغربي المعاصر.ليس الغرض إذن - كما يرى رشوان - تقديم تاريخ الأخلاق، ذلك لأن الأخلاق والسلوك الخلقي والقواعد الأخلاقية قديمة قدم المجتمعات البشرية، فما اجتمعت طائفة من الناس في أي مكان على الأرض، أو في أي عصر من عصور التاريخ إلا وقد نجم عن هذا التجمع قواعد للتمييز بين الخير والشر، والحق والباطل، والكمال والنقصان، وغير ذلك من المعايير التي يلتزم بها الناس في سلوكهم ليعيشوا حياة سعيدة، ويحققوا أكبر قدر من الطمأنينة والرضا والكمال، فإذا شئنا أن نؤرخ للأخلاق فربما كان من الأفضل أن نبدأ بالإنسان البدائي يقول المؤلف، والحضارات الشرقية القديمة قبل أن نصل إلى صورتها المتطورة عند اليونان، والسير بها إلى عصورنا الحاضرة.يبدأ المؤلف كتابه بالإشارة إلى الفكر الأخلاقي في الحضارات القديمة بوصفه ظاهرة سابقة على الفكر الغربي، وربما كان له بعض الأثر على مفهوم الأخلاق عند الغربيين، كما بدا عند فلاسفة اليونان، وبذلك تبطل الحجة التي طالما روج لها المؤرخون الغربيون، وهي أن الفكر اليوناني بوجه عام جاء على صورة معجزة لم يسبقهم إليه أحد، بل قادت إليه عبقرية اليونان وحدها.