.. مما لا شك فيه أن بيان هيئة حقوق الإنسان حول حادث سقوط مواطن وطفله في حفرة الصرف الصحي يؤكد ضرورة تقديم المسؤول عن الحفرة للمحاكمة، سواء كانت هذه الحفرة ملكية خاصة أو عامة، وتتابع هيئة حقوق الإنسان في بيانها من خلال فرعها في منطقة مكة المكرمة مع الجهات الرقابية والعدلية إجراءات تقديم المتسبب في الحادث. والذي لا شك فيه أن اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة لن يترك هذه القضية حتى يأخذ الجاني عقابه، وقد أصدر سموه أمرا عاجلا بتشكيل لجنة التحقيق في حادث المنهول الصحي بجوار أحد المراكز التجارية بشارع التحلية وأدت لوفاة طفل ووالده، إثر سقوطهما فيها صباح الخميس. والرفع إلى سموه بتقرير مفصل حول ملابسات الحادثة ومحاسبة المتسبب فيها كائنا من كان. والغريب أن مندوب الأمانة حاول أن يوهم أن الأمانة غير مسؤولة؛ لأنها وقعت أمام أحد المراكز التجارية بشارع الأمير محمد بن عبد العزيز، وهي تقع داخل ملكية خاصة لا تخضع للإشراف والمراقبة من قبل أمانة المحافظة، باعتبار أنها ضمن مسؤولية المركز التجاري الذي يملك المكان. والواقع أنه أمر عجيب أن يصدر هذا الكلام من ممثل أمانة جدة في اللجنة قبل بداية التحقيق، فالأمانة إنما سميت أمانة لأنها مؤتمنة عن أرواح الناس وأوضاع المدينة، سواء كانت عامة أو خاصة. أما قول مندوب البلدية إن الحادث يقع في مسؤولية المركز التجاري، فإن هذا كلام غير لائق بالأمانة ولا مندوبها. فأرواح الناس لا يمكن أن تهدر بهذه الطريقة بمجرد تجاهل الأمانة مراقبة ما في المدينة وما حولها وما فيها بين مراكز تجارية، ولا سيما أنها تعلم تماما بأن المركز يقوم يوميا بفتح الخزان موضوع القضية لنزح الزيت والصرف الصحي بتصريح من الأمانة، كونه يخدم مطاعم خاصة ومحلات تجارية دون أن يتنبه إلى خطورته أحد. إن سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخليفة الراشد الثاني ــ رضي الله عنه ــ قال: والله لو أن عنزة عثرت بشاطئ الفرات لخشيت أن يحاسبني الله عنها لم لم أسو لها الطريق. على أن هذا لا ينفي مسؤولية صاحب المحل أيضا. السطر الأخير: قال تعالى: «إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا».