الخبر المنشور في الصحفة الأولى من هذه الصحيفة أمس يقول: "في الوقت الذي وجه فيه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير مشعل بن عبدالله، بالتحقيق الفوري في أسباب غرق أب وابنه بخزان صرف صحي قرب مركز تجاري شهير بشارع تحلية جدة فجر أول أمس، تكشفت معلومات أولية عن نتائج التحقيق التي تحمل مالك المركز التجاري، مسؤولية إهمال خزان الصرف الصحي. وفيما أكد شهود عيان، أن الحادثة وقعت عندما سقط الطفل ٥ سنوات في الخزان، الذي كان مفتوحا، مما حدا بوالده للتدخل لإنقاذه قبل أن تبتلعهما المياه الآسنة داخل الخزان، وسط محاولات لم تتكلل بالنجاح من المارة وبعض أفراد الأمن الموجودين بالموقع، وقبل أن تباشر فرق الدفاع المدني مهمة انتشال جثتي الطفل ووالده. أكدت أمانة جدة في بيان لها أمس، أن الحادثة وقعت فجر أول من أمس، أمام أحد المراكز التجارية بشارع اﻷمير محمد بن عبدالعزيز حيث سقط الطفل في غرفة الصرف الصحي، التي يبلغ ارتفاع فوهتها عن سطح الأرض 50 سم تقريبا وهي تقع داخل ملكية خاصة ولا تخضع للإشراف أو المراقبة من قبل أمانة جدة، بل هي مسؤولية الجهة المالكة "المركز التجاري"، علما بأن التحقيق مازال جاريا بمشاركة الجهات الحكومية المختصة". انتهى الخبر، والملفت هنا أن خلاصة الخبر هي إخلاء أمانة جدة مسؤوليتها عن الحادث كونه وقع داخل ملكية خاصة لا تخضع للإشراف والمراقبة من قبل أمانة جدة، ودعونا نفترض أن الحادث وقع خارج المركز التجاري المذكور، بمعنى أن المسؤول حينها ستكون أمانة جدة أو أي جهة حكومية أخرى فما الخطوة التي ستتخذ حينها؟ هل سيسجن المتسبب في ترك فتحة الخزان كما هي دون أن يغلقها، وهل ستتم مقاضاته، هل سيستقيل مثلا أمين جدة أو المسؤول الأول عن الجهة المتسببة في الحادث سواء شركة المياه أم الدفاع المدني أم غيرهم؟ للأسف، موت الناس وخاصة الأطفال عندنا أمر بات سهلا ومعتادا، فتارة في بركة سباحة وتارة في خزان مياه وثالثة في فتحة صرف صحي، عدا من يموتون جراء عدم وجود الرقابة والعقاب على العديد من الأماكن مثل المدن الترفيهية والاستراحات والمدارس والمتنزهات. ما يحدث استهتار بأرواح الناس، والتوجيه بتشكيل اللجان وإجراء التحقيقات مجرد مسكنات اعتدنا عليها بعد كل حادث مزعج، ولهذا يتكرر المشهد وتتكرر المآسي، ولهذا ينبغي سن قوانين تجيز للمتضررين وذويهم مقاضاة المتسببين في وفاتهم أو إلحاق الضرر بهم سواء كانوا من القطاع الخاص أم العام.