تغزلت بعين المعزة ، وتفرست بثقة المواطن الفخور ، في تفاصيل خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله وحفظه ورعاه ، ذلك الخطاب الذي دعا فيه بحكمته المعهودة ورويته المشهودة ، العالم الإسلامي قاطبةً إلى توخي الحذر ، من ذلك الخطر الذي تفشى وانتشر ، حيث أصبح الإرهاب الهم الأول والخَطب الأكبر في حياة البشر ، وغدا يمثل معضلةً لا يمكن غض الطرف عنها والسكوت عليها ، فكل داءٍ لا يجد العلاج الناجع والاهتمام الذي يستحقه بمحاصرته منذ البداية ، لا نتوقع إلا تفاقمه وتزايد أعراضه التي تمضي حثيثاً إلى النهاية الحتمية . لقد كنا فيما مضى نقول : إن العالم حولنا قد يمرض وتعتريه بعض الأسقام ولكنه لا يموت ، فما عادت هذه المقولة في عصرنا الحاضر صالحةً للتداول ، ولا تناسب هذا الزمن الذي أصبح فيه العالم يمرض بل يمر بالمراحل الحرجة جداً وقد يموت ، ونعني بموته موت القيم والإنسانية والتسامح والأمن والسلام ، فكل جميلٍ في خطر ما دام الإرهاب موجوداً ويمارس أفكاره الضالة ويعيث في الأرض فساداً ، يملأ قلوب الآمنين رعباً ، ويفتك بالأبرياء تعذيباً وتقتيلاً ، فالإرهاب كما وصفه القائد المؤمن حفظه الله ، يعتبر عضواً فاسداً وكل عضوٍ يستعصي علاجه ، يجب استئصاله نهائياً . بهذا الفهم العميق لكل ما يحدق في العالم من شرٍ وبيل ، وعدوٍ شيمته الغدر والظلم الذي يهديه إليه فكره الضال ، كانت مواقف المملكة الواضحة وتحركاتها المدروسة لمكافحة الإرهاب ومناهضة ذلك العضو الفاسد والعمل الجاد لبتره واقتلاعه من جذوره ، وامتداداً لتلك المواقف جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بمنى في أول أيام التشريق ، والذي ألقاه نيابةً عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين ، وهو خطابٌ موجه للأمة الإسلامية ، وقد ألقي أمام قادة الدول الإسلامية والعلماء ورؤساء بعثات الحج من مختلف أرجاء العالم ، حيث ركز الخطاب على محورين أساسيين ، يدور المحور الأول حول ضرورة محاربة الإرهاب بلا هوادة وبكل قوةٍ وحزم ، حمايةً لأبناء الأمة الإسلامية من الانزلاق في هوة الفكر الضال والانتماء للجماعات المنحرفة الداعية إلى الغلو والتطرف ، والتي يجب دحرها إذ إنها لا تمت إلى الإسلام بشيء ، ولا تقر كافة الأديان السماوية تلك الوحشية واللاإنسانية فهي أفكار تعد من أساسيات دائرة الإرهاب ، وبذلك تتبرأ منها كافة الأديان ، فالإسلام حريصٌ على غرس قيم المحبة والتسامح في نفوس العالمين ، كما أن واقع تاريخنا الإسلامي العريق حثنا على الالتزام بأسمى معاني المعاملة بين الناس وحسن التعايش مع الآخرين ، فضلاً عن ترسيخ أسلوب التآخي والتواد والتراحم بين المسلمين ، نعم أيها القائد المؤمن إننا نشعر بذات الشعور الذي تعلمناه من شخصك الكريم فنحن أيضاً لن يرتاح لنا بال ولن تهدأ لنا نفس إلا إذا أدركنا تلك الغاية النبيلة وطبقنا تعاليم ديننا الحنيف ، واضعين نصب أعيننا أننا ( خير أمةٍ أخرجت للناس ) . هذا ويركز الخطاب في محوره الثاني على فعالية نهج الحوار ، باعتبار أن الإسلام دين محبةٍ وتحاور وتعايش ، وليس دين بغضٍ وكراهية وتطرفٍ وغلو ، فلا سبيل لتحقيق ذلك التطلع الجميل إلا عن طريق الحوار ، وتفعيل دور مركز الحوار ودعمه بقدر الإمكان حتى يحقق أهدافه السامية ويؤتي أكله وخطته الرامية ، إلى سيادة السلام وحقن دماء الأبرياء ، ونبذ التطرف والغلو والجهل والأفكار الضالة . فالحوار وحده هو القادر على تهيئة الأجواء لإرساء حياةٍ آمنة تسعد البشرية ، وبالحوار أيضاً يتم رأب ما أصاب الصف الإسلامي من تصدع ، فعندما يقول القائد ( هيا إلى الحوار ) فذلك تعبيرٌ عميق المعنى يعد دعوة مفتوحة لكل غيورٍ على هذا الدين ، وكل محبٍ للتسامح والتعايش أن يسهم بما يستطيع ويحظى بشرف المشاركة ، لماً لشتات الأمة والتحليق بها فوق أجواء الأمن والأمان ، بعد ردم كل هوةٍ للغلو والتطرف وإخماد بؤر الفتنة والتشرذم ، أملاً في إشراق غدٍ جديد وفجرٍ سعيد ، لعالمٍ لا يعرف غير المحبة والسلام ، كما يتمناه خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى عبدالله بن عبدالعزيز ، هو عالمٌ خالٍ من حقد الحاقدين ووهم الواهمين ، فما أروعه من عالمٍ ما زال في رحم الأحلام نتطلع لمولده وبزوغ فجره ، وكل عام والجميع بخير . sbt@altayar.info للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (73) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain