التعميم باللغة الشمولية هو من الأخطاء الشائعة في كتاباتنا بذكر فكرة أو رأي غير مسبوق بكلمة البعض أو الأقلية، ففيها من الإساءة للآخرين بقصد أو بدون قصد. وقد ساءتني مقالة أحد الكتاب بعنوان "الدكتور الوهمي" وفيها أعاب على الأكاديميين الذين يحملون الشهادات الحقيقية والوهمية، إلا إنني لست بموقع أناقش فيه الشهادات الوهمية، وإنما الحقيقية فقط لما فيها من تجريح صريح لكل الأكاديميين من خلال سؤاله ماذا قدم لنا الأكاديمي الحقيقي صاحب الشهادة المعتمدة؟ أقول إن ما قدمه ويقدمه بعض الأكاديميين الكثير ولو اقتصر الحديث على العناصر النسائية فالأمثلة كثيرة لا تسمح لي الكلمات بذكرها منها: الدكتورة خولة الكريع كبيرة علماء وخبراء السرطان والحاصلة على وسام الملك عبد العزيز، والدكتورة حياة سندي عالمة في مجال التكنولوجيا الحيوية، والدكتورة غادة المطيري التي نالت أرفع جائزة للبحث العلمي في أمريكا، والدكتورة إيمان المطيري عالمة الجينات، والدكتورة هويدا القثامي صاحبة وسام الملك فيصل من الدرجة الرابعة تخصص جراحة القلب للأطفال... الخ. والأمثلة المدرجة أغلبها في مجال الطب فهو المجال البارز عالمياً لكون العالمات من العقول المغتربة حيث وجدن البيئات العلمية المناسبة والمشجعة على الإبداع وهي غير مهيـأة في الوطن حالياً؛ إلا أن الأمر لا يخلو من أن هناك عقولا لا تقل أهمية عنها إلا أنها محلية تعمل بصمت وتوضع أبحاثها وإنجازاتها في المكتبات تعتليها حفنة من الغبار. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا فعلتم أنتم لهؤلاء؟ فلم أر ولم أسمع بشارع أو قاعة دراسية أو صالة عرض أو مسرح جامعة أو معمل أو حتى ممر سمي باسم إحداهن وهو أقل ما يمكن عمله تكريماً لهن!! فالمشكلة ذات محاور ثلاثة: الأول انتقاد لبيئة الجامعات السعودية وعجزها عن توفير البيئة المناسبة للمواهب ودعمها مما ينتج عنه هجرة واضحة للعقول النادرة والمقتدرة مادياً، والثاني: سيطرة العادات والتقاليد وليس الدين على الفكر ينتج عنه فكر ساذج -في الوقت الذي تلقى الشعب السعودي خبر فوز إحدى الباحثات عالمياً قال عنها البعض أراها كاشفة بدلا من قوله أراها مكتشفة انشغل بغطاء رأسها بدلا من أن ينشغل برأسها العبقري-، والثالث التجاهل غير المبرر لهذه الإنجازات وعدم اللجوء إليها أو الاستعانة بها والتخبط في التصرفات والقرارات بعيداً عن المتخصصين الذين قضوا آلاف الساعات في المعامل وخلف المكاتب للبحث والدراسة والتحليل والتعليل فخلف كل كلمة من كلمات هذا المحور حكاية!! ألا يستحق هذا الأكاديمي -والكلام موجه لصاحب مقالة الدكتور الوهمي- أن يلقب بالدكتور مثله مثل المهندس والطيار والطبيب والكاتب والرسام؟؟ وهنا أناشد الدولة وأصحاب القرار بوضع العلم والعلماء وأصحاب الفكر والمبدعين في الأولويات، وعلى الشعب أن يشجع ويساهم فمن هنا وصلت إلى ماوصلت إليه دولة كاليابان لإيمانها القوي بتعليم الفرد أولاً وإصلاحه ليصلح المجتمع ويرقى.