لجأ تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) إلى تكتيكات جديدة بينها الزج بعناصره الأكراد واستخدام دراجات نارية للسيطرة على نحو نصف مدينة عين العرب (كوباني) الكردية، بما في ذلك «المربع الأمني» لوحدات حماية الشعب الكردي، ما ينسف أحد مرتكزات الإدارات الذاتية الكردية التي تعارضها أنقرة. وأعلنت واشنطن موافقة تركيا على «دعم» برنامج تدريب المعارضة المعتدلة الذي أقره الكونغرس الأميركي قبل أسابيع، في وقت طمأن الأمين العام الجديد للحلف الأطلسي (ناتو) ينس شتولتنبرغ أنقرة بزيارة مواقع بطاريات صواريخ «باتريوت» جنوب تركيا قرب الحدود السورية. (للمزيد) وكانت القيادة المركزية في الجيش الأميركي أعلنت أن مقاتلات التحالف الدولي- العربي شنت تسع ضربات جوية استهدفت عناصر «داعش»، بينها سبع ضربات قرب عين العرب. لكن الأكراد المدافعين عن المدينة شعروا بالإحباط في ظل تناقص ذخيرتهم، مطالبين بتكثيف الغارات التي تنفذها مقاتلات التحالف على مواقع «داعش». وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن: «سيطرت عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على المربع الأمني في عين العرب» الواقع في شمال المدينة، ويضم مباني ومراكز تابعة للإدارة الذاتية الكردية في المدينة، الأمر الذي ينسف مبنى أساسياً من مؤسسات الإدارات الذاتية المحلية التي أعلنها «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم، وعارضته تركيا. وأوضح عبد الرحمن أن «السيطرة على المربع الأمني تتيح لعناصر التنظيم التقدم نحو المعبر الحدودي مع تركيا إلى الشمال من المدينة». وحذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من وقوع «مجازر» في مدينة عين العرب في حال سقوطها في يد «داعش» على غرار ما شهدته مدينة سربرينيتشا في البوسنة عام ١٩٩٥. وأكد «وقوفه بالكامل» مع دعوة مبعوثه الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا كل الدول، أن «تفعل ما في وسعها وبكل الوسائل» لمنع سقوط المدينة. إلى ذلك، ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو أمس بشدّة بالرئيس السوري بشار الأسد، واصفين إياه بـ «المجرم» و «الإرهابي» على غرار «داعش». وقال أردوغان: «لا يمكننا ترك مصير (اللاجئين السوريين) بأيدي الأسد المجرم الذي يمارس إرهاب الدولة». وأضاف: «اتخذنا الموقف المبدئي ذاته تجاه كل المنظمات الإرهابية. نحن لا نفرق بين المنظمات الإرهابية ونصنفها بين «هذه جيدة» و «هذه سيئة». لقد اتخذنا الموقف ذاته إزاء الدولة الإسلامية». في باريس، عبّر وزير الخارجية التركي مولوت شافوسوغلو عن تمسك بلاده بإقامة المنطقة العازلة على رغم العقبات التي تعترض هذا الاقتراح، في حين اكتفى نظيره الفرنسي لوران فابيوس بعد محادثات ثنائية بالتعبير عن تأييده «مبدأ» المنطقة الأمنية، لافتاً إلى أن هذا الأمر «يستدعي تشاوراً دولياً وثيقاً». وقال مصدر فرنسي إن باريس تؤيد الاقتراح التركي من حيث المبدأ رغم المعارضة الأميركية والروسية، لأنها لا ترى ما يستوجب الحؤول دون إعطاء هذا الاقتراح فرصة لمعرفة ما إذا كان سيشق طريقه أم لا. وقال نائب مستشارة الأمن القومي الأميركية توني بلينكن في لندن، إن الاقتراح التركي لم يأت بفكرة جديدة «وليس في دائرة الاهتمام»، في وقت أعلنت الخارجية الأميركية مساء أمس، أن تركيا وافقت على دعم تدريب المعارضة المعتدلة في سورية وتجهيزها. وقالت الناطقة باسم الخارجية ماري هارف للصحافيين: «وافقت تركيا على دعم جهود تدريب المعارضة السورية المعتدلة وتجهيزها. سيسافر فريق تخطيط (من وزارة الدفاع) إلى أنقرة الأسبوع المقبل لمواصلة التخطيط عبر القنوات العسكرية». وطمأن الأمين العام الجديد لـ «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) ينس شتولتنبرغ تركيا في شأن التزام الحلف بالدفاع عنها خلال زيارة لبطارية صواريخ باتريوت أميركية على حدود البلاد مع سورية أمس. وأضاف: «الدفاع الجماعي شيء في جوهر حلف شمال الأطلسي. الجميع لواحد وواحد للجميع. ومهمتنا أكثر أهمية من أي وقت مضى. وما زال الحلفاء ملتزمين بهذه المهمة الحيوية. لكننا نواجه اليوم بطبيعة الحال تحديات كثيرة من اتجاهات عديدة». في طهران، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، أن بلاده حذرت الحكومة التركية من القيام بأي «إجراء عسكري بري» شمال سورية. إلى ذلك، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «18 بينهم رجل وزوجته و4 أطفال قتلوا بقصف جوي وصاروخ أرض- أرض على مناطق في بلدة الحارّة» في ريف درعا جنوب سورية التي كان مقاتلو المعارضة سيطروا على أعلى هضبة فيها قبل أيام، بعد مقتل 25 شخصاً على الأقل بينهم أربعة أطفال، في غارات على مدينة عربين شرق دمشق.