العيش في بلد ينعم بالخيرات، وغالبية مجتمعه من الشباب كالمملكة؛ من الطبيعي أن يكون سقف طموحات أبنائه عاليا، ويرتفع ذلك السقف كلما ارتفع مدخول البلاد. فالبطالة والإسكان والصحة والتعليم والبنية التحتية ودخل الفرد والغلاء؛ كلها قضايا تؤرق المواطن بشكل يومي، وإيجاد حلول سريعة وفعالة لها هي ما يفصله عن العيش الكريم الذي يريده. أما المقارنات التي تطل بين الفينة والأخرى مع أشقائنا في الجوار حول الرفاهية، فسببها الشعور باستحقاق حياة أفضل، خصوصا مع توفر الملاءة القادرة على الوصول إلى مستوى الرضا. الطبقية بأنواعها هي الأخرى تؤرق الكثير منا، كونها ولاّدة الشعور بالظلم. ولا أحد ينكر وجودها في مجتمعنا، حال معظم المجتمعات، لكن الخوف أن نستيقظ يوما ونجد الطبقة الوسطى التي من المفترض أن تشكل غالبية المجتمع قد سحقت، ولم يتبق سوى طبقتين: برجوازية وكادحة! أحلام المواطن لا تتوقف عند الرفاهية فحسب؛ بل تمتد إلى تفعيل مؤسسات الدولة للارتقاء بمستوى العدالة الاجتماعية، لأجل ذلك ينبغي على أجهزة الدولة أن تحدث ثورة في أنظمتها ولوائحها، لتعيد صياغتها وفق ما يواكب العصر، فالغالبية منها لم يعد مجديا لهذه المرحلة. من الصعب أن ننكر وجود فساد ينخر في جسد كثير من أجهزتنا الحكومية، وليس بالضرورة أن يكون سرقة أو اختلاسا، فالتقاعس عن الواجب وإضاعة الحقوق والمحسوبية كلها فساد. وأكثر ما يؤلم في هذا الملف أن (نزاهة) لا تساعد نفسها برغم ما يتوفر لها من إمكانات بدءاً من مرجعيتها المباشرة إلى الملك، وانتهاءً بالصلاحيات الممنوحة لها. والمرأة لها نصيب من الحلم، من خلال تفعيل دورها ومنحها المكانة المناسبة باعتبارها النصف الآخر من المجتمع. لا أعني بالتفعيل الاقتصار على جعلها بائعة في قسم للماكياج والملابس الداخلية؛ فطموحها لا يتوقف عند ذلك، ما تريده المرأة أن تكون شريكا فاعلا في التنمية، لها كامل حقوق المواطنة وعليها واجباتها. نحن بحاجة إلى إعلام مسؤول، إعلام أكثر حرية يحكمه ميثاق شرف، لا يستغله الإعلامي لمصالحه الشخصية، ولا يوّلد حساسية أو توجسا من المسؤول لما يطرح فيه، لأنه يؤمن بأن النقد البنّاء هو أحد عجلات الإصلاح وعينه الثالثة. الاستماع إلى الناس في رؤيتهم لبلدهم الذي يريدونه، هو الترياق الفعال ضد الكراهية والفتن والتحزب والتغرير بشبابه. فتحقيق تطلعاتهم كفيل بجعلهم مؤتمنين على مكتسبات وطنهم "الحلم" الذي أرادوه وأسهموا في تحويله إلى حقيقة.