بدأ التعامل مع الأخطاء التي يرتكبها أبناؤنا المبتعثون للخارج باعتماد دورة إلزامية يحضرها كل المرشحين للبعثات الخارجية. سألت كثيرين ممن حضروا الدورة، فلم أجد فيها ما يمكن أن نعتبره أمرا أساسيا إلا لمن لم يخرج من المملكة سابقاً. مكونات الدورة ومدتها وموقعها تستأثر بالكثير من النقد والاستغراب حتى من ممثليات وزارة التعليم العالي في الخارج. أحد مسؤولي ملحقية تعليمية أكد أنهم طالبوا كثيرا بتغيير إيجابي على هذه الدورات لتحقق الفائدة المرجوة للطلبة والطالبات الذين يتجهون إلى دول فيها من الاختلاف الثقافي والحضاري والاجتماعي الكثير. الغريب أن المسؤول أكد أن كل مطالباتهم لم تجد من "يعبرها". لعل القضايا التي تظهر كل فترة فيما يخص الدورة تجعلنا نعود لدراسة وتطوير أسلوب العمل وليس المفهوم نفسه. ذلك أن الجهة التي تسيطر على الدورة لا بد أن تتعامل مع الموضوع بحضارية وتستفيد من كل التقنيات التعليمية المتاحة لتضمن تحقيق الهدف المرجو منها. كون الطالب أو الطالبة يضطر للوجود في مدينة الرياض لحضور الدورة، هو واحد من العوائق المهمة التي يجب التخلص منها. يوجد من التقنيات ما يسمح بعقد الدورة في أي مكان من العالم. يمكن أن يستفيد المنظمون من الإنترنت والمؤتمرات الصوتية واللقاءات المصورة. غريب أن تمثل الجهة المسؤولة عن التنظيم وزارة التعليم العالي وتخفق في الاستفادة من التقنية الحديثة التي تستخدمها المدارس المتوسطة في أغلب دول العالم. يمكن أن تسهم الجامعات السعودية في تنفيذ الدورة، ويمكن أن تقدم الدورة في الملحقيات التعليمية في كل أنحاء العالم وهي تمثل التعليم العالي، فلم لا تثق بهم الجهة المنظمة للدورة؟ علمت كذلك أنه لا يمكن إعفاء أي شخص من الالتحاق بهذه الدورة بغض النظر عن مؤهلاته أو تاريخ حياته. يخبرني أحد الزملاء أن أبناءه الذين حصلوا على شهادة الثانوية العامة من الولايات المتحدة، اضطروا للعودة للرياض "تحديدا" لحضور دورة كيف تتعامل مع المجتمع الأمريكي. فأي منطق يحكم هذا القرار؟ الخلاصة هي أن الالتزام الحرفي بالقرارات يعني أنه يمكن أن يقوم أي شخص بعمل المسؤول "الملتزم حرفيا"، أما من تكون مصالح الناس في أيديهم فلا بد أن يحققوا قصد القرار وليس حرفه.